• تاريخ النشر : 31/05/2016
  • 222
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

 سائل يسأل يقول هل يجوز إهداء ثواب العمرة ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;  أهل العلم اختلفوا في هذا، منهم من لا يرى مشروع إهداء الثواب لعمرة وغيرها وحكوه عن الجمهور، لكن المعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يشرع، والمعروف في مذهب أحمد وأبي حنيفة أنه يشرع، والأظهر والله أعلم هو مذهب مالك والشافعي رحمة الله عليهم، وأن إهداء الثواب لا يشرع ولم يدل عليه دليل، بخلاف ما جاءت فيه الأدلة من مشروعية الحج عن الميت أم عن العاجز، أو الصيام عن الميت، ثم هذه في مسائل وردت أن الصحابة سألوا عن ذلك، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، صدقة جارية أم علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»(1). هذه هي التي ذكرها عليه الصلاة والسلام علم ينتفع به، أو الصدقة الجارية أو ولد صالح يدعو له، وسكت عن ما سوى ذلك، وهو لما سئل ولم يبتدئ بذكر الحج صلوات الله عليه وسلم، ولم يبتدئ بذكر الصيام إنما قال في حديث عائشة «من مات وعليه صيام صام عنه وليه»(2). ذكر نوعًا من الصيام وهذا عند بعض أهل العلم في الصيام الذي يكون أوجبه على نفسه بنذر، أما سائر الأحاديث فإنما جاءت بسؤال سألوا عن هذه، فأرشد إلى الحج عليه الصلاة والسلام عن الميت (3)، وكذلك الحج عن العاجز وخاصة أن إهداء الثواب عمل يسير ولا يكلف الإنسان أي شيء، فكونه عليه الصلاة والسلام يسكت عن هذا ولا يبينه مما يدل على أنه غير مشروع، فهذا من الأمور التي قد يستدل بها بالقاعدة المتقدمة وهو وجود المقتضي وعدم المانع، وهو الرغبة في الثواب والخير وليس هنالك مانع يمنع من عمل هذا الشيء ، وسكوت النبي عليه الصلاة والسلام عنه وعدم نقل فعله مما يدل على أنه لا يشرع، ولا يقول قائل إن عدم النقل ليس علم بالعدم فإن هذه قاعدة يعمل بها في بعض الأحوال، لأن المقام يقتضي البيان في بعض الأحوال، حيث أنه ذكر الحج ولم يذكر غيره ،بل ذكر أعمالًا تكون من عمله هو، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، هذه كلها أعمال تسبب فيها هو، أما الحج والصوم فهي أعمال جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام في فعلها عن الميت حينما سئل أما الصدقة والدعاء فهذا جائز باتفاق المسلمين، ودل عليها الكتاب والسنة، لكن أعيد وأكرر أنه فرق بين الإهداء بعدما تعمل العمل أنت العمل لنفسك، وكونك تعمل العمل للميت، فلا يمكن أن يقال إن الدليل على إهداء ثواب العمل كونه عليه الصلاة والسلام أذن في الحج عن الميت، أذن في الصوم عن الميت، أذن في الحج عن العاجز، نقول هذا عمل يعمله ابتداءً عن الميت، أما إهداء الثواب فإنه يعمله هو ثم يهدي ثوابه بعد الفراغ منه، ولهذا فرق بينهما لأن هذا لا يشترط فيه النيابة، يعني أنه كان عندهم لا يشترط فيه النيابة، مع أنك تحج وتهدي ثوابه، تقرأ القرآن وتهدي ثوابه، أما حجك عن غيرك الحي فإنه لابد من الإنابة في هذا، ولما كان هنالك فروق دل على أن القياس في هذا موضع نظر فهو غير مطابق وغير موافق، ثم الأدلة في الأمور المشروعة بالاتفاق أرفع وأعلى وهي محل اتفاق من أهل العلم فالأخذ بها هو الأولى كما تقدم من الصلاة، من الصدقة والدعاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه مسلم رقم (1635). (2) أخرجه البخاري رقم (1952)، ومسلم رقم (1147). (3) عن ابن عباس رضي الله عنهما:  أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء) أخرجه مسلم رقم (1852).


التعليقات