يقول السائل : هل يجوز لبس السروال الداخلي تحت لباس الإحرام؟، مع العلم أن الفاعل يقول أن له فتوى من بعض العلماء.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لبس السراويل- التبان- للمحرم لا تجوز سواء كانت السراويل قصيرة أو طويلة ؛لأنه مصنوع للبدن بل هو للعورة المغلظة، فهذا هو الظاهر من النصوص، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت لا ترى بأسًا للذين حول هودجها أن يلبسوا التبان، رواه البخاري معلقًا مجزوماً به،(1) ورواه ابن أبي شيبه عنها موصولًا (2) ، وهو أنهم كانوا إذا حملوا هودجها ينكشف منهم بعض الشيء، فأمرتهم أن يلبسوا التبان.فهذا يبين رواية البخاري، وأنها لم تأذن لهم ابتداءً لكن أذنت لهم لما ذكروا لها أنه ينكشف منهم بعض الشيء، فهذا اجتهاد منها رضي الله عنها، أنهم يلبسون التبان في هذه الحالة حينما يرحلون هودجها، وربما كانت الأزر قصيرة فتنكشف العورة المغلظة، فأمرتهم أن يلبسوا التبان وكأنه اجتهاد منها، ولا يدل على الجواز مطلقًا، بل في مثل هذه الحالة، وهل فيه كفارة لبس المخيط؟ فالأصل وجوب الكفارة، وكذلك روى ابن أبي شيبة" عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه كان يلبس التبان وهو محرم"(3) وهذا أيضًا لا دلالة فيه على الجواز مطلقًا ؛ فربما يحتاج الإنسان إلى لبس السراويل أو التبان لحاجة مثل الحكة أو نحو ذلك، ولا يجزم بأنه يجيزه مطلقًا، والإنسان قد يحتاج إلى فعل المحظور ويفديه، فاليقين هو أن المحرم لا يلبس السراويل وما جاء عن عائشة رضي الله عنها وعن غيرها لا دلالة فيه على الجواز مطلقًا.
هل يجوز لبس سروال داخلي تحت لباس الإحرام إذا كان عنده تسلخات مثلًا ؟
لا بأس في هذا حتى في غير التبان، ولو احتاج أن يغطي رأسه لشدة الحر أو يحلق رأسه مثل ما وقع لكعب بن عجرة رضي الله عنه(4).فيفعل المحظور ويفديه
هل الهدي على المعتمر أن يذبحه داخل مكة أو في بلده عندما يعود؟
المعتمر ما عليه هدي، إنما يسن للمعتمر ولغيره أن يهدي هديًا إذا كان يريد بذلك جبران ما وجب عليه بفعل محظور أو ترك واجب، وفي هذه الحالة ينظر إن كان لترك واجب كترك الإحرام من الميقات ونحوه فعليه ذبيحة توزع لفقراء الحرم، وكل هدي فيكون للحرم إلا ما استثني مثل فعل المحظور، فهذا يوزعه في مكانه الذي وقع فيه المحظور، كما وقع لكعب بن عجرة رضي الله عنه حينما نزلت فيه الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}(5)، وأن النبي عليه الصلاة والسلام أمره أن يذبح شاة أن يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، والصيام في أي مكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال البخاري باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن. وقال بن عباس رضي الله عنهما: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن. وقال عطاء: يتختم ويلبس الهميان. وطاف بن عمر رضي الله عنهما وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب. ولم تر عائشة رضي الله عنها بالتُبَّانِ بأساً للذين يرحلون هودجها أهـ. الشيء، فتح الباري (2/558).
(2) أثر عائشة قد رواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أمنا عائشة: أنها حجت ومعها غلمان لها، وكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء، فأمرتهم أن يتخذوا التبابين فيلبسونها وهم محرمون. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور، واللفظ له. انظر تغليق التعليق (3/50).
(3) قال ابن أبي شيبة (5/170): حدثنا أسباط بن محمد، عن العلاء بن عبد الكريم عن حبيب بن أبي ثابت قال: «رأيت على عمار بن ياسر تباناً، وهو بعرفات). وأخرج ابن شبة في أخبار المدينة (2/181) مايبين أن لبس عمار رضي الله عنه للتبان كان اضطراراً، فقد ضرب رضي الله عنه حتى فتق، وأصيب في مثانته، فكان يلبس التبان لأجل المرض فقال ابن شبة: حدثنا حبان بن بشر قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة قال: اجتمع ناس فكتبوا عيوب عثمان وفيهم ابن مسعود فاجتمعوا بباب عثمان ليدخلوا عليه فيكلموه فلما بلغو الباب نكلوا إلا عمار بن ياسر فإنه دخل عليه فوعظه فأمر به فضرب حتى فتق فكان لا يستمسك بوله.
(4) أخرجه البخاري رقم (5665)، ومسلم رقم (1203).
(5) سورة: البقرة، الآية (196).