• تاريخ النشر : 27/07/2016
  • 191
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

يقول السائل : ما حكم عمل العمرة على غير الأقارب ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; العمرة عن الغير كما في الحديث, أن امرأة ( أتَتْ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالَتْ: يا رسولَ اللهِ تُوُفِّيَتْ أُمِّي وعَلَيْهَا مَشْيٌ إلى الكَعْبَةِ نذرٌ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم  (هلْ تستطيعينَ أن تَمْشِي عنْها ) قالَتْ :نعم قال : (فامْشِي عن أُمِّكِ قالَتْ أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ عنها قال نعم أرأَيْتَ لو كان على أُمِّكَ دَيْنٌ ثم قَضَيْتِيِهِ عنها هل كان يُقْبَلُ منكَ قالَتْ: نعم فقال :النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللهُ أحقُّ بذَلِكَ )(1)، وتشبيهه بالدين يدل على أنه يصح أن تأخذ عنه سواء كان قريب أو غير قريب, لا بأس وهذا من البر والصدق . وإن كان هذا الرجل ظالم أو توفي وعليه مظلمة وأراد عمل العمرة للتخفيف عنه فيرجى له ذلك, لكن إن كانت المظلمة هذه في حق المال فيجب الوفاء من تركته, وإن كانت في عرض أو بدن فيشرع للورثة أن يسألوا المظلوم أن يبيح هذا الميت، وهو لم يحقه ولم يستحله وغير راضٍ . فكما قال الرسول صلي الله عليه وسلم ( انصر أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا قلت يا رسولَ اللَّهِ أنصرهُ مظلومًا فَكيفَ أنصرُه ظالمًا قالَ تمنعُه منَ الظُّلمِ فذلِك نصرُك إيَّاهُ) (1).  يسألونه ويرجونه بما تيسر, هذا أفضل ما يكون إذا علمت أن الميت ظالم وتوفي وهو ظالم لإنسان أخذ ماله أو اعتدي عليه في عرضه في بدنه, ومات أي تنصره علي نفسه الظالمة التي هي في الحقيقة مظلومة وحينما تظلم غيرك أول ما تظلم هو نفسك . مثل ما أنك حينما تتصدق عليه أول من  تتصدق عليه هو نفسك فظلم النفس أعظم الظلم وأعظم الظلم الشرك لقوله تعالي } وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) {(3)، والمعاصي كلها ظلم وأعظم الظلم هو ظلم النفس سواء كانت المعاصي متعلقة بما بينك وبين الله أو بينك وبين الخلق ولهذا قال صلوات الله عليه:(انصر أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا )، هو ظالم ومظلوم في نفس الوقت, ظلم نفسه أساء لنفسه فأطلقها في الذنوب والمعاصي والتعدي على المحارم والاعراض, انصره أعنه ولهذا في حديث (عن ابنِ عمٍّ له ـ وهو جاريةُ بنُ قدامةَ ـ أنَّه قال: يا رسولَ اللهِ قُلْ لي قولًا ينفَعُني اللهُ به وأَقلِلْ لَعلِّي لا أُغفِلُه قال: ( لا تغضَبْ ) فعاد له مرارًا كلُّ ذلك يرجِعُ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تغضَبْ) (4). وفي الحديث الآخر يفسره   (عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب ) (5)، الصرعة : أي تدل على الذي يصرع غيره فهزأة ومحل ضحك واستهزاء هزأة  أي يستهزئ بالناس ، صرعة الذي يصرع الناس. وهنا يبين من هو الشديد  : وهو الذي يملك نفسه أي يصرع نفسه قبل أن يصرع غيره يصرع شيطانه . والذي لا يملك نفسه هذا مسكين ضعيف ما يملك نفسه ضعيف لكن القوي الشديد الذى يملك نفسه ولهذا قال :(  انصر أخاكَ ظالمًا أو مظلومًا ) . انصره على نفسه تدفعه عن الظلم ولهذا يعود بعد ذلك حينما يعود له رشده يتبين الحقيقة أنه كان في غي في سفه ولهذا قال الصحابي لما تفكرت وجدت أن الغضب يجمع الشر كله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 82) رقم(3295)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 191) وعزاه للطبراني في الكبير، ثم قال: ومُحمد بن كُريب ضعيف. اهـ. (2) أخرجه البخاري (2444)، من حديث انس بن مالك رضي الله عنه. (3) سورة لقمان الآية 13 . (4) أخرجه أحمد (15534)، وابن حبان (296)،
(5) أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609).     


التعليقات