يقول السائل : قمت بالعمرة، وطفت وسعيت، ولكني عند الحلق لم أحلق ولم أقصر، فأخذت من كل مكان من رأسي شيئاً قليلاً ثم بعد يوم حلقت رأسي كله، فما حكم ذلك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
إن كنت قصرت من جميع الرأس فالتقصير مجزىء، وإن كنت أخذت مثلاً شعرات يسيرة من الناصية؛ فالصواب أنها لا تجزيء، وإن قال بعض أهل العلم كما يروى عن الشافعي ثلاث شعرات، وأبو حنيفة ربع الرأس؛ والأظهر أنه لابد من جميع الرأس كما قال سبحانه وتعالى:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}(1)، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:"ثم احلِقوا أو قصِّروا" هذا هو السنة. كما أن الحلق لا يجزىء إلا لجميع الرأس كذلك التقصير لابد أن تقصر من جميع الرأس، وليس المعنى أنك تأخذ من كل شعرة بعينها، المقصود التعميم. مثل: إنسان يمسح رأسه بالماء ربما أن الماء ينبو عن بعض الشعرات المقصود هو تعميم المسح للرأس. كذلك المقصود هو تعميم الرأس بأخذ الشعر، فإذا عممت الأخذ من هنا ومن هنا أجزأت، وإن كنت لم تعمم، فإن كان أخذ شعرات يسيرة فما فعلته حسن، وإن كان عممت فحصل التحلل؛ فحلقك بعد ذلك لا أثر له.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الفتح، الآية: 27 .
(2) روى مالك عن نافع عن سليمان بن يسار (أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ ، كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ : اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ ، وَانْحَرُوا هَدْيًا ، إِنْ كَانَ مَعَكُمْ ، ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا ، وَارْجِعُوا ، فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ). انظر موطأ مالك باب هَدْي مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ رقم (1136).