يقول السائل : ما حكم القروض من الشركات على سبيل الربا وتكفل طرف ثالث بسداد الزائد من المال ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
فإذا أقرضته مثلاً مائة ألف بربا مثلاً عشرين ألف يقول الطرف الثالث أنا أقضي عنك الدولة أو غير ذلك, فهل يجوز هذا أم لا ؟ هذا لا يجوز هذا تحايل على الربا, والربا محرم سواء كان الربا من طرف أو طرفين, فالربا كما لا يخفى في حديث جابر(1) وابن مسعود(1) أنَّهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قال: (لعَنَ آكلَ الرِّبا، وموكلَهُ، وشاهِدَيهِ، وَكاتبَهُ ) (1). فكلهم ملعونون على لسان رسول الله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم, فهذا الطرف الثالث شاهده, بل شهود مجلس الربا لا يجوز, فكيف بمن يقضى الربا أبلغ وأبلغ,
هذا وأن الإنسان يتعامل بالمعاملة ويترتب عليها مال إنسان آخر, قال أنا أقضي عنك هذا المال أنا أسدد عنك هذا الدين الحرام ما فيفرق بين المعاملة في أخذها حرام أو الزائد فهو ربا, ولا أظن أن هناك قاعدة تقول بحل هذا الشيء مطلقاً وجوازه مطلقاً, وأن طرف ثالث يحلل هذا تحليل, وكما قال أيوب: لو أتى الأمر على أصله لكان أهون علي، قال تعالي :} يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)} (3)، فهذا رباً محرم ولا يجوز, وهو خداع, والربا إذا حرم حرمت وسائله يعني لو جاز هذا المعنى أنه يحرم الشيء ويفتح الأبواب إليه هذا لا يمكن هل يعقل أن يحرمه من باب ويفتح عشرة أبواب لا يعقل لو أن إنسان سد باب فتنة وفتح الأبواب الأخرى لم يغلق أبوابها فأنت مفرط فمن باب الحرام هو حرام، فالقاعدة الفقهية تقول: " إن الشارع إذا حرم شيء حرم وسائله وذرائعه وسد أبوابه"، وفي الحديث: (عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الغافقيِّ ومولًى لنا يقالُ لَهُ أبو طعمةَ: أنَّهما خرجا من مصرَ حاجَّينِ فجلَسا إلى ابنِ عمرَ ،فذَكرَ القصَّةَ فقالَ ابنُ عمرَ: أشْهدُ لسمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وَهوَ يقولُ: ( لعنَ اللَّهُ الخمرَ وشاربَها وساقيَها وبائعَها ومُبتاعَها وعاصِرَها ومعتصرَها وحاملَها والمحمولةَ إليْهِ وآكلَ ثمنِها)(4). عشرة ملعونون على لسان رسول الله كما ورد في حديث ابن عمر وابن عباس(5), مع أن الذي يشربها واحد, والتسعة وسائل لها ما شربوها, إنما سهلوا سبيلها, الخمر, والربا كذلك آكل الربا واحد, كذلك موكله, وكاتبة, وشاهده كل من أعان عليه فإنه داخل في عموم الخبر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث جابر أخرجه مسلم (1598).
(2) حديث ابن مسعود أخرجه مسلم (1597).
(3) سورة البقرة الآية ( 9).
(4) أخرجه أبو داود (3674) وابن ماجة في السنن ( (3380 وأحمد (4762).
(5) أخرجه أحمد (2892). وهو في صحيح ابن حبان (5356) وفي المستدرك على الصحيحين (2 (31/