يقول السائل : ما حكم من اشترى من رجل ولم يعطه الثمن لأن الشرطة كانت تجري وراءه؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
القاعدة أنه تم عقد البيع فالواجب تسليم الثمن وتسليم المثمن، إذا أسقط الخيار بينهما، أما إذا كانا لا زالا في مجلسٍ واحد فهو بالخيار، فإذا تم البيع في هذه الحالة وجب، فإذا كان تم بينهم البيع، وأنت من نيتك التردد والسؤال ولم تجزم بالبيع، فهرب لأنه رأى الشرطة أو غير ذلك، فهذا لا يعتبر تفرقاً، فخيارك قائم لأنه مفرق بغير اختياره، وأيضاً إذا كان فراره حيلة، فلو لقيته فلك أن تفسخ البيع ، فلك حالان؛ الحال الأول إذا غلب على ظنك أنك سوف تجده أو تعرف مكانه يمكن أن ترجع إليه فعليك أن تقصد مكانه وتسلم له المبلغ، هذا هو الواجب عليك إذا كان تيسر لك ذلك، وإن كنت تقول لا، لا يمكن العثور عليه، في هذه الحالة يقول أهل العلم أنك تتصدق بالثمن بالنية عنه، ، كما روى البخاري معلقاً عن ابن مسعود أنه اشترى جاريةً من إنسان عند باب بيته، فدخل ليعطيه الثمن، يعني كالصورة التي يسأل عنها أخونا، فدخل ليعطيه الثمن، فلما خرج عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يجد صاحب الجارية، فجاء ابن مسعود يوزعها درهماً درهماً بالصدقة فيقول اللهم عنه فإن رجع أعطيته الثمن، أو قال إن رضي بالصدقة ضمن وإلا بطل الثمن.
المعنى أنك تتصدق به، فإن تصدقت به عنه بالنية عنه، ولقيته بعد ذلك، تقول أنا بقي المال عندي ولم أستطع العثور عليك فتصدقت به عنك، هل تمضي الصدقة؟ قال رضيت، الحمد لله تم، وإن قال لا، أنا لا أمضي الصدقة، فأنت في هذه الحالة تضمنه له، فإن قلت لا أنا أريد أن أتصدق بها ففي هذه الحال أنت تحفظها، فإن شق عليك أن تحفظها فلك أن تبعث بها إلى جهةٍ تحفظ الأمانات محكمة أو غير جهة إذا تيسر له ذلك.
وأخرج أهل العلم هذا أيضاً من حديث اللقطة أنه يعرفها سنة، فإن مضت السنة ولم يأتي صاحبها فإنه في هذه الحالة تكون له، ثم ذكر العلماء أنه لو جاء يوم من الدهر فإنه يخبر بما فعل، فأخذوا من حديث تعريف اللقطة وكذلك من فعل مسعود، وكذلك أيضاً جاء عن يزيد بن الأسود الجرزي في قصةٍ مشهورة عن معاوية رضي الله عنه أن رجلاً غلَّ من الغنيمة فاطلع عليه وقد تفرق المجاهدون، ثم جاء بهذا الغلو إلى معاوية رضي الله عنه فقيل ماذا نصنع به؟ فقال معاوية قد تفرق الناس، يعني أشكل عليه الأمر، وهذا الغلول للمجاهدين مالهم مأخوذ من الغنيمة وقد تفرقوا، الذي رجع إلى أهله، والذي في الطريق إلى أهله ولا يمكن الوصول إليه، فسأل يزيد بن أسود وهو جليل وفقيه فسأله، قال يزيد بن أسود يتصدق به عنهم، فالله أعلم بهم وأين هم، فقال معاوية بكلام معناه وددت إني أفتيتك بهذا بما أفتياك به وأني أخرجت كذا أو خرجت للمسلمين كذا أو نحوا مما قال رحمه الله ورضي عنه.