السؤال :
يقول السائل : اتفقت أنا وزميلي نأخذ قرض أُسري من بنك التسليف بحيث يكون هو المقترض وأنا الكفيل فيكون المبلغ بالنصف بيني وبينه، وكلٌ منا يسدد نصف القسط. فما هو الحكم الشرعي ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
يقول: إنه اتفق هو وزميلٌ له في أخذ قرض أُسري من بنك التسليف، ويقول: اتفق اتفاقًا آخر أن يكفل هذا المقترض، وشرطه مقابل الكفالة أن يعطيه نصف القرض أو أن يكون القرض بينه وبينه. فهل يجوز؟
- أولًا: يعلم أنه يشترط لصحة هذا العقد أن يكون قرضٌ صحيحًا لا يكون قرض بفائدة (قرض ربوي)، وهذا هو الظاهر من السؤال إنه قرض أُسري، وأنه لا زيادة فيه.
- المسألة الثانية: الاقتراض لا بأس به، والنبي اقترض –عليه الصلاة والسلام-، واستدان صلوات الله وسلامه عليه.
- المسألة الثالثة: الكفالة، الكفالة أيضًا لا بأس بها بل هي من عقود الإنفاق وهي مشرعة، والكفيل والغارم زعيم؛ يعني ضامن وغارم وزعيم فهو يكفل أخاه يعنيه على الخير هذا من عقود الإنفاق والإحسان لأخيك المسلم فيشرع لك ذلك فإذا كان من عقود الإنفاق والإحسان فإنه عقود الإنفاق والإحسان منها نوعٌ يحسن أن لا تأخذ عليه شيئًا يُكره، ومنها ما يحرم بالشفاعة هذه من الإعانات.
هل يجوز أن تأخذ مال على الشفاعة؟
فيه خلاف النبي عليه الصلاة والسلام: «من شفع لأخيه شفاعةً فأهدى له هديةً فقبلها فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا»(1) رواه أبو داود من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أُمامة الصحابي -رضي الله عنه-.لأن هذه المسائل فيها خلاف لكن ما يتعلق بالكفالة على هذا الوجه لا يجوز أن تشرط أن تأخذ نصف القرض. لماذا؟لأنك حينما تكفله فإنك تكون ضامنًا فإنه إذا لم يستطع السداد فعلى مَنْ يرجع البنك ؟ عليك أنت أيها الكفيل الغارم، فأنت في الحقيقة أعطيته وأقرضته، وسددته. في هذه الصورة أنت منتفع، وأخذت جزاءً وثوابًا على هذا القرض على هذه الكفالة وهو انتفاعك بهذا القرض؛ لأن القرض لو لم يستطع سداده فإنك أنت الذي تقضيه ثم بعد ذلك يرجع إليك. أنت حينما تقضيه ترجع إليه فكأنك أقرضته؛ لأنك ترجع إليه فتأخذ المال فإذا كنت أقرضته وهو أقرضك كان قرضًا جرَّ نفعًا وهو أيضًا أخذ مالًا مقابل الكفالة، والكفالة لا يجوز الانتفاع بها؛ لأنها من المرافق الشرعية، وهذا من محاسن الشرع. من محاسن الشرع: أن وجوه الإعانة ووجوه الخير والبر لا يأخذ الإنسان عليها شيئًا؛ ولذا إذا أقرضت إنساناً قرضاً فلا تقبل منه هدية حتى قال بعض العلماء: "لو أقرضت إنساناً قرضاً وليس بينك وبينه تلك الصلة والأنس والمودة فلا تستجلب منه مودةً زائدة على المودة التي بينكما؛ لأنك في الحال تستفيدها مقابل القرض الذي تقرضه كل هذا من التشكيك في مسألة المنافع هذه، والمرافق التي يحسن أن يبذلها المسلم لأخيه بغير مقابل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه أبو داود (3541) وأحمد (5365) والطبراني في الكبير (7928)، وقد أورد ابنُ القطان الفاسي هذا الحديث في "الوهم والإيهام" 4/ 519 في باب الأحاديث التي سكت عنها عبد الحق الإشبيلي مصححاً لها وليست بصحيحة. ؤقد جاء في حديث ابن عمر ما يخالفه، ففيه: "من آتى إليكم معروفا فكافئوه" أخرجه أحمد (5365).