يقول السائل : أريد أن تبين لي حكم أن آخذ من المدرسة أسئلة اختبار السنة الماضية وأذاكر منها ثم نراجع الكتاب وتأتينا الأسئلة من هذه الأسئلة الماضية من العام الماضي مطابقة تماماً، فهل علينا شيء أو يعتبر هذا من الغش؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
إذا كان قول السائل مطابقة تماماً أن من وضع الأسئلة لهذا العام أخبرهم أنها مطابقة تماماً لأسئلة العام الماضي، فلا يجوز لمن يضع الأسئلة أن يبين هذا خيانة للأمانة التي أوكلت إليه، فلا يجوز هذا وهذا حرام بلا خلاف؛ فهو خيانة للأمانة من جهة الذي أخرجها، وهو غش من جهة الذي أطلع عليها، والجميع خائن وغاش، لكن قصد وصف الخيانة لمن أخرجها ووصف الغش لمن أطلع عليها لمن أخرجت له، والوصفان منطبقان فهو غاش؛ لأنه غش الأمانة، وكذلك أيضاً هو خائن؛ لأنه اطلع على ما لا يحل له الإطلاع عليه فكل هذا محرم، أما إذا كانت الأسئلة اطلعوا عليها بحكم أنهم يتوقعون ذلك وأن الأسئلة في الغالب تكون مقاربة للأسئلة العام الماضي، وهذا نموذج فلا بأس بذلك، ونقول الحمد لله أطعمك الله وسقاك واختبارك صحيح، نعم.
* في هذه الحالة هل الإثم على الطالب؟
الجواب: إن كان يقول أنا سوف أطلعكم، هذا لا يجوز له أن يطلع ولا يطلعه على هذا، كما لو قال أقدم لك هذا المال الحرام لتفعل هذا الشيء فلا يجوز، لكن إذا كان قد أخرجها وهو في الحقيقة لم يطلبها ولم يستشر في إخراجها، فهذه الحال الذي أخرجها لا يجوز، ومن أخرج هذه الأسئلة انتفت عنه صفة الأمانة وسقطت عنه صفة العدالة في حقه ولا يجوز أن يبقى في هذا المكان وهذه الوظيفة التي هو فيه، لا يجوز فعل هذا؛ لأنه خائن للأمانة، ومن كان بهذه الصفة فلا يجوز إقراره، ويعلم لا شك أنه لا يرضى المسئولون عن مثل هذا، وعلى هذا يكون هذا منكر، وإذا كان منكراً فلا يجوز إقراره. لقول النبي صلوات الله عليه(من رأى منكم منكرا فليغيره)(1)، فأنت في هذه الحالة رأيت منكر أو بلغك منكر فكونك توافقه على ذلك تكون مشاركاً له، فالواجب في مثل هذه الحال الإبلاغ، لكن قد يقول طيب أنا اطلعت بغير اختياري رأيت الأسئلة ثم تبين لي أنها أسئلة اختبار، نقول في هذه الحالة يجب عليك أمران حينما تعرض عليك، والاختبار باقي كما هو والأسئلة هي نفسها، أنا أقول لا يختبر ولو أنه اطلع على الأسئلة ولا شيء عليه لأنه جاء بغير اختياره، كما لو كنت مثلاً في صالة امتحان فسمعت صوتاً بالجواب من إنسان يغشش أو إنسان خان الأمانة وسمعت وأنت بغير قصد، أنت لا يجوز لك أن تطلب من يعلمك الجواب، ولا يجوز للمراقب ذلك، لكن لو أنها وصلت إليك فأنت في هذه الحالة لم تقصد هذا الشيء ولم تسمعه مثل ما لو مررت بمن رفع صوت الموسيقى لن أقول لك سد أذنيك لا يلزم أن تسد أذنيك لفعله، وإن كان الأولى سد الأذنين كما فعل ابن عمرو؛ لأنك لم تقصد الأمر المحرم. كذلك أيضاً لو سمعتها أنت لم تقصد سماعها إنما وصلت إليك بغير قصد. وهذا مثلها كما تقدم مثلها والباب واحد وعليك أن تبلغ عن هذا فإن أمكن أن تصل إلى الجهات المسئولة، ثم بعد ذلك أمكن أن يكون أمامك فرصة فتلغى هذه الأسئلة ويؤتى بأسئلة أخرى كان هذا الواجب، ولكن إن لم يمكن فأمرك ما تقدم وما عليك شيء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه مسلم (49) (78) .