يقول السائل : ما حكم التسجيل في نظام السعودة، واستلام مبلغ آخر الشهر من غير دوام، وليس المبلغ كامل المتفق عليه، وإنما بعض المبلغ، خاصًة للإناث؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذه المسألة يكثر السؤال عنها من إخواننا الذين ينتظمون في نظام السعودة، وهذا النظام يكون باتفاق بين الدولة والشركات، بأن تلتزم بتوظيف مجموعة من الشباب في الشركة المعينة بحسب الشروط التي يتفق عليها مع هذه الشركة. والقاعدة أنه يجب الوفاء بالشروط، ويجب الوفاء بالعقود عمومًا، وخصوصًا إذا كانت هذه الشروط والعقود في مصالح عامة، وتتعلق بمسائل المسلمين، والمال من بيت مال المسلمين، فالأمر في هذا أشد من الشروط التي تجري بين شخص وشركة وقطاع خاص، والذي يملك الشركة شخص أو مجموعة، فإن هذا يمكن أن يستدرك لو حصل تفريطٌ أو تقصير.لكن حينما يكون باتفاق مع الدولة وهذه الجهة تتفق مع شركات ومؤسسات بمالٍ يقدم لمن يتوظف، وهذا المال يقدم من بيت مال المسلمين، فلو أخذ مالٌ وأكل، أو سلف بغير وجه حق، فإن أهله، والمالكين له، هم عموم المسلمين، فيجب الوفاء بالعقود والشروط. وقصدي من هذا الإشارة إلى أن هذه العقود عمومًا في مثل هذه الصورة، وهذه الوظيفة وغيرها، وعلى هذا فإذا التزمت الشركة بالشروط المتفق عليها في توظيف مجموعة من الشباب، فإنه يجب الالتزام بذلك، ما دام أنه يجري على الوجه المقصود منه المصلحة، وليس فيه ظلم ولا تعدي على الشركة، والشركة قادرة على هذا الشيء. وللإمام أن يحد بعض التصرفات التي تكون مصلحًة من الجميع ممن يكون صاحب مؤسسة أو شركة، فينتفع عموم المسلمين على وجهٍ لا ضرر عليه فيه، ثم الذي يجري الآن أن كثيرًا من الشركات التي تلزم بتوظيف مجموعة من الشباب يقدم لها نص المبلغ، وهو يقدم النصف الثاني، فيتفق مثلًا مع هذا الموظف، فيقول نحن لا نلزمك بالدوام، وعلى هذا نعطيك المبلغ ألف وخمسمائة، فهم لا يخسرون شيئًا، لا يقدمون شيئا، إنما يقدمون المال الذي يأخذونه من الدولة.والأصل أنه يكون تعاون بين الدولة، تعين هذه الجهة فتقدم نصف المرتب، وهو يقدم النصف الثاني، ويكون تعاونٌ لأجل تيسير الطريق لتوظيف المحتاجين من الشباب عمومًا، فإذا كان على هذا الوجه كان الواجب هو الوفاء به، ولا يجوز للشركة، ولا يجوز لمن يوظف عندها أن يعينها على هذا الوجه، بأن يسجل اسمه عندها، وأنها وفت بالشروط، ثم لا يحصل المقصود الذي يراد به النفع لهذا الموظف.
ثم أيضًا يستفيد من وقته ولا يكون عاطلًا وعالًة، بل يكون عاملًا منتجًا، فينفع غيره، وكذلك يتخلص مما يقع فيه من الفراغ الذي له مضاعفات وآثار سيئة على الشاب وعلى الفتاة، هذا هو القصد، والمراد، ثم قد يحصل أمور ويفوت أمور أخرى، لكن مادام هذا هو القصد وهذا هو المراد، والشركة ليس عليها ضرر في هذا ولا ظلم، ولم تحمل شيئًا لا تطيقه.
فالواجب هو الالتزام بذلك، ولا يجوز لها أن تتفق مع هذا الموظف أن يجلس في بيته، أو في أي مكان ولا يلتزم بالدوام، ويأخذ هذا المال المقدر، والواجب عليه أنه إما أن يداوم، ويلتزم بالشروط المحددة، فهذا هو الأصل، وهذا هو القاعدة في هذا الباب.