يقول السائل : أنا وجدت 855 يورو بالمدينة ما حكمها وماذا أفعل بها؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
القاعدة في اللقطة أن من وجدها فإنه يعرفها وجمهور العلماء أو أكثر العلماء على أنه لا فرق بين اللقطة في المدينة وغيرها من سائر البلاد وكذلك مكة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن لقطة مكة تعرف دائمًا ولا يكتفى بعام واحد وأنها مخصوصة كما قال عليه الصلاة والسلام: (ولا يلتقط لقطتها إلا لمنشد)(1) وجاء في حديث علي في المدينة (إلا من أشاد بها) (2).وجاء في تخصيص لقطة عرفة أنه لا تلتقط إلا لمنشد، دائمًا ليست خاصة بعام واحد، وجاء في حديث علي بن أبي طالب في المدينة خصوصًا أنه قال (إلا من أشاد بها) فصار حكم لقطة المدينة مثل لقطة مكة، ولقطة الحاج هذا يشمل مكة والمدينة إذا علم أنها لقطة حاج لكن إذا لم يعلم أنها لقطة حاج أو في غير أيام الحج ففي هذه الحال واضح أن لقطة المدينة على ظاهر حديث علي أيضًا حكمها حكم لقطة مكة أما في أيام الحج وإذا غلب على ظنه أنها للحاج فتتأكد من أمرين أنها لقطة حاج.
وأنها لقطة التقطت في المدينة فإذا التقطتها في هذه الحال فإن كنت موجود في المدينة تعرفها في الأسبوع الأول قريب من المكان الذي وجدتها فيه إن أمكن كل يوم مرة وفي الأسبوع الثاني مرة واحدة يعني تعرفها في الأسبوع الأول عدة مرات لكن كل يوم هو الأكمل، بعد ذلك تعرفها كل أسبوع مرة مدة شهر ثم بعد شهر وأسبوع تعرفها كل شهر مرة هذا قاله بعض أهل العلم اجتهادًا قالوا إنك تعرفها كل شهر مرة بعد الشهر الأول وعلى هذا يكون التعريف لها سبع مرات في الأسبوع الأول ثم أربع مرات في الشهر الذي بعده هذه إحدى عشرة ثم إحدى عشر في إحدى عشر شهر فيكون تعرفها اثنتين وعشرين مرة هذا نوع اجتهاد لا دليل عليه والأظهر والله أعلم أنه يجتهد وينظر وإذا كان لا يجلس في المدينة وسوف يسافر ورأى لقطة وخشي عليها من الضياع والسرقة فلا بأس أن تلتقطها بغير نية التعريف، بغير نية الالتقاط لا بأس. وهذا فيه مصلحة لو أن إنسان وجد لقطة، يقول: وجدت مالاً وأنا لا أستطيع أن أعرفها لأنه يشق عليه ذلك إما مرتبط بعمل لا يستطيع أن يأتي هذا المكان أو سوف يسافر فيلتقطها، أصل التقاط المال وأخذه إما واجب أو مستحب وإذا علمت أنه سوف يسرق فيجب عليك أن تحفظ مال أخيك لكن هل يجب التعريف أو لا يجب التعريف إن كان لا مشقة عليك فإنك تعرف وإن كان عليك مشقة أو أنت سوف تسافر مثلاً فلا بأس أن تأخذها بغير نية التعريف بنية حفظها فتوصلها إلى جهات الأمان التي تحفظ الأموال أو ممكن إذا لم يتيسر لك ذلك ولم تجد مثلاً من يقبلها أن تسلمها لشخص إن أمكن أن يعرفها أو يحفظها ويسأل عن صاحبها لأن هذا هو أقصى ما يكون في حفظ المال لأنه ليس المقصود من اللقطة التعريف، التعريف وسيلة وطريق إلى وصولها هذا هو المقصود من التعريف، التعريف وسيلة وطريقة فليس أمرًا تعبديًا ، فإذا علمت أن تركها سوف يؤدي إلى سرقتها وتلفها وأنت لا تستطيع تعريفها فإنك تأخذها لأن أخذها أقرب إلى وصولها من بقائها الذي هو يغلب عليه الضياع، ولهذا الإبل لا تعرف ولما كان عهد عثمان وخشي عليها من الضياع والسرقة حفظها رضي الله عنه مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (دعها فإن معها حذائها وسقائها) (3) فخصص رضي الله عنه عموم هذا النص بالمعنى المقصود من اللقطة وهذا أمر ظاهر والشريعة جاءت بالمعاني الظاهرة البينة فلا يقال: لا أنا ما ألتقطها مثل إنسان وجد امرأة في برية ربما تتعرض للهلاك تقول احملني يقول لا ليس معك محرم ويذهب ويتركها هذا من الجهل فيجب عليك أن تحملها وأن تتقي الله سبحانه وتعالى في حفظ نفسك وحفظها لأنها حال ضرورة والمعاني التي جاءت بها الشريعة تعرف وتظهر فلا بأس بل يجب العمل بها حينما يظهر المعنى فثم دين الله وثم ما شرع سبحانه وتعالى.في هذه الحال هذا هو الأصل هو التعريف ثم إذا لم يمكن هو الحفظ بإيصاله إلى الجهة المسئولة أو إلى من يمكن أن يوصلها إليه أما إذا كانت لقطة يسيرة في هذه الحالة الأمر في هذا يسير فلك أن تأخذها على تفصيل من أهل العلم في هذه المسألة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم (2434). ومسلم (447)(1355).
(2)أخرجه أبو داود (2035)، وأحمد (959).
(3) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا»، قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ»، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا»أخرجه البخاري رقم (2372). ومسلم (1)(1722).