• تاريخ النشر : 24/05/2016
  • 244
مصدر الفتوى :
اللقاء (05)
السؤال :

ما  حكم العقد المنتهي بالتمليك ؟.

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ; العقد المنتهي من التمليك كما لا يخفى الكلام فيه كثير، والبحوث فيه كثيرة[1]، وعُقِدَت فيه المجالس والمجامع الفقهية والندوات ولابد أن السائل وغيره ممن سمع الكثير من هذا، لكن الذي أقول والذي عليه جمع من أهل العلم: أن هذا العقد فيما يظهر ليس من العقود المستكملة للشروط الشَّرعية خاصة أنه يجري فيه العقدان، فهو ليس عقد إجارة، بمعنى أنه ينتفع به بنفع العين، وليس عقد تمليك أنه يملك الرقبة بل هو معلق، ومثل هذا يتنافى أن تكون العين يجري عليها الوصفان وصف الإيجار ووصف عقد البيع. فالإجارة ملك يملك النفع، والبيع يملك الرقبة؛ ولهذا إذا كان على الوصف المعروف الجاري فالذي يظهر أنَّ فيه ظلمًا وزيادةً على ما تقدم أنه فيه التنافي من جهة عدم توافق العقدين فهذا وجه. الوجه الثاني: أن فيه ظلمًا وتعديًّا، وهو في الحقيقة يجرى مجرى الإجارة بأقساط محددة، ثم إذا نظرت فإنه في الحقيقة ليس من باب الإجارة بل هو جزء من الثمن، فلو كان مثلاً اشترى سيارة بهذا العقد المنتهي بالتمليك أو الوعد بالتمليك كما يتلطف البعض هذه العبارة والمعنى واحد؛ لأن العبرة بالمعاني وليس بالمسميات. فالعبرة بالمعاني سمِّه ما شئت؛ المنتهي بالتمليك أو الوعد بالتمليك فإن المعنى هو المنتهي بالتمليك لا يغير. وهذا يجري على القاعدة أن العبرة في العقود بالمعاني والمقاصد[2] ليس مجرد المسميات، المسميات لا تغير في الحقائق شيئاً؛ وإلا لحلت كثير من عقود الربا التي ظاهرها البيع الصحيح، فعلى هذا لا يضر التسمية مادام أن المعنى على هذه الصفة؛ ولهذا نقول إن ما فيه من الأقساط الشهرية فهي في الحقيقة جزء من الثمن. ولهذا لو كنت مثلاً اشترى سيارة كانت أجرتها المعتادة ألف ريال مثلاً فإنهم لا يجعلون القسط ألف ريال يجعلونه ألفي ريال لكي يجري العقد بهذه الأقساط مع الثمن الذي ضربوه له، والثمن الذي قدروه فهو في الحقيقة في كل شهر يأخذون جزءاً من ثمنها ليس إيجارًا؛ ولهذا إذا لم يستطع استكمال الأقساط ويتوقف فإنهم يسترجعون السيارة أو بيت أو نحو ذلك، هل يحاسبوه بعد ذلك على أنه استأجر؟ لا يحاسبونه على ذلك، بل يظلمونه ويجعلون المال الذي أخذوه مقابل أجرة، وهو في الحقيقة هو يملك جزءاً من السيارة، فلو أنه مثلاً سدد منها عشرين قسطاً وباقي عشرة أقساط فهو في الحقيقة يملك جزءاً من السيارة مع انتفاعه، وهو ما زاد عن ثمن الإجارة المعتادة، فهم في هذه الحالة يأخذون السيارة منه والثمن الذي قبضوه، وهذا ظلم وتعدٍّ. ولو أنهم أبقوا السيارة على حالها ثم بيعت السيارة، ثم ينظر في سداد الباقي من الثمن، والباقي يكون له هذا يكون من العدل، أما تؤخذ الأقساط والسيارة وربما لا يكون عليه من الأقساط إلا الشيء اليسير فهذا ظلم. ولهذا يلجأ إليه كثير من الناس اضطراراً، وهناك أشياء لو تأملت فيها وجدت فيها الضرر. ثم هنا طريقة شرعية وهو رهن السيارة يعني يمكن أن ترهن السيارة وتباع بأقساط، وترهن بمعنى أنه لا يستطيع التصرف فيها، فإذا لم يستطع سداد الأقساط وتوقف، في هذه الحالة تؤخذ السيارة وتباع ثم يسدد باقي الأقساط التي بقيت لهم والباقي يكون له؛ لأن هذا هو الطريق الشَّرعي وإلا على هذا الأسلوب وعلى هذه الطريقة الذي يظهر إنه فيه ظلمًا وتعديًّا، وأيضاً مع التأمل يتبين أمور ومحاذير شرعية في هذا العقد.




([1] ) ينظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/ 2096) وما بعدها. ([2] ) مجموع الفتاوى لابن تيمية  ووردت فيه 30/112 بلفظ: " الاعتبار في العقود بالمعاني والمقاصد، لا بمجرد اللفظ" .  وفي زاد المعاد لابن القيم 5/182 بلفظ : المرعي في العقود حقائقها ومعانيها, لا صورها وألفاظها. وبلفظ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي, لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي في مجلة الأحكام العدلية م/3 ، شرح القواعد الفقهية للزرقا ص 55 ، قواعد الفقه للمجددي ص 91 ، المدخل الفقهي العام للزرقا 2/980 ، موسوعة القواعد والضوابط الفقهية للندوي 1/518 . ووردت في المبسوط للسرخسي 7/146، وتبيين الحقائق للزيلعي 5/102 بلفظ: " العبرة في العقود للمعاني، دون الألفاظ"، ووردت في بدائع الصنائع للكاساني 3/152، وغمز عيون البصائر للحموي 2/268 بلفظ: "العبرة في العقود للمعاني، لا الألفاظ" ، ووردت في الدر المختار للحَصكفي مع رد المحتار لابن عابدين 4/307 بلفظ: " العبرة للمعنى، لا للمبنى" .


التعليقات