احدى الشركات العامة يوجد بها صندوق زمالة ما حكم الاشتراك فيه، وطريقته أني أدفع مبلغ مثلاً خمسة آلاف وأقسط الباقي على عام أو اثنين يخصم من راتبي على مدار الشهر وهذا الصندوق آخذه مع نهاية الخدمة مع العلم أن الشركة تتعامل مع البنك وأنا أقوم بالدفع للبنك الذي تتعامل معه الشركة؟.
أولا: سؤالك فيه إجمال؛ لأنك لم تبين طبيعة عمل صندوق الزمالة، وكذلك إذا كان المال الذي يؤخذ ويجعل في مضاربة وتجارة وبعد ذلك تعطى هذا المال ويرد إليك سواء أقساط أو غير أقساط، ويكون معرضاً للربح أو الخسارة هذا لا بأس بها، وإن كان -والله أعلم- يدفع إلى بنوك ربوية؛ لأنك كما ذكرت أنه يصرف لك بعد ذلك في نهاية الخدمة؛ وكأن يكون مرتباً لك، هذا يجري في بعض الشركات معناه أنهم يأخذوا مالاً وبعد ذلك حينما تنتهي خدمة الإنسان يعطونه مالاً، هذا إن كان في شركات تعمل في ذلك هذا ربا ومحرم لا يجوز، والربا غضب ونسيئة وهذا بالاتفاق من أهل العلم؛ لأنك تدفع لهم مالاً وهم بعد ذلك يعطونك مالاً يزيد على هذا المال الذي أعطيتهم إياه. الأمر الثاني : هم يعملون بالربا، وتحريمه من جهة المال يعمل بالربا وغير ربا؛ لأن هذه البنوك تراهن بهذا المال ثم تدفع المال مقسطًا بعد ذلك. ومما يدل عليه أن كثيراً من رجال هذه الشركات تعطي راتب الخدمة بحسب المال الذي دفعه، فإن كان الذي دفعه مالاً كثيراً زادوا له فيما يعطونه وإن كان مالاً قليلاً نقص؛ وهذا يبين أنه ربا محض، أما إن كان هذا المال مما تدفعه الدولة أو جهات تعاونية تتعامل مع الدولة فهذا لا بأس به؛ مثل التقاعد أو كما يقال في بعض البلاد يحال إلى المعاش فهذا لا بأس به وذلك أنه يخصم من راتبه كل شهر نسبة معينة، ثم حينما يحال للتقاعد وإلى المعاش يبقى راتبه هذا له حيًّا ولأولاده بحسب الاتفاق الذي يجري بينه وبين الدولة التي يعمل فيها، فيصرف لكل إنسان بحسب الشرط الذي بينه وبينهم، هذا لا بأس به. وقد تطول مدة الصرف وقد يقل، فإذا استوفى حقه ثم زيد على ذلك، فإنه حق على الدولة؛ لأنها رعاية واجبة والقيام به من الإعانة الواجبة، وكذلك القيام على أسرته هذا لا بأس به. وهذا من باب الكفالة ومن باب الإعانة هذا أمر واجب ابتداءاً ، فهو كونه يخصم من راتبه شيء معين هذا المقصود به إعانة بيت المال؛ لأن بيت المال ربما في بعض الجهات لا يقوى على دفع التقاعد لكل من أحيل للتقاعد إلا أن يدعم بشيء من المال وشيء بالنسبة فهذا ربما يتوفى الذي قبل أن يحال للتقاعد، وهذا الذي أحيل للتقاعد بفترة بسيطة يتوفى فيكون دعماً قوياً لبيت مال المسلمين فبعضهم يدفع مال قليل ويأخذ مالًا كثيرًا، وبعضهم يدفع مالاً كثيراً ويأخذ مالاً قليلاً، ولا يضره المخاطرة في مثل هذا؛ لأنها من الأموال التي تكون على جهة الهبة والعطية وإعانة بيت مال المسلمين.أما ما هذه الصورة المذكورة فالأظهر والله أعلم: إنها نوع من الربا المحرم، والمخاطرة المحرمة كما تقدم لذلك أنه مع شركات والبنك وما بينهما من الشرط.