يقول السائل : ما حكم التأمينات، حرام ولا حلال في الطب والسيارات؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; التأمينات كلام أهل العلم فيها واضح وبيّن ولله الحمد أو التأمين، وصدرت فيها فتاوى من هيئات ومجامع الفقهية؛ فالتأمين التجاري هذا حرام، وأسباب تحريمه كثيرة: أولاً: أنه غرر والغرر حرام. والثاني: أنه مخاطرة، والمخاطرة حرام. الثالث: أيضاً أنه ربا، يدور بين ربا النسيئة أو ربا الفضل والنسيئة. أيضاً فيه محاذير أخرى والكلام مبسوط فيه والأدلة فيه واضحة وبيّنة، هذا في مسألة التأمين، وهذا واضح، لا فرق بين تأمين طب أو صحي أو نحوه من التأمين، ولكن يختلف الضرر بحسب نوعية التأمين، والتأمين على السيارات ونحو ذلك، كله من هذا الباب الذي يجمع الغرر، والمخاطرة، والميسر، والربا، وما يترتب عليه من المفاسد من استخفاف بالنفوس، وكثرة المصائب والحوادث والبلايا، وهو أكل للمال بالباطل أيضاً، وفيه خداع أيضاً لمن يؤمن، هذا شيء.لكن هنالك أنواع من التأمين إذا ثبتت وهي التأمينات، والتأمين التعاوني الصحيح الذي لا تلبيس ولا تدليس فيه ولا خداع مما يقع ممن يجعل أنواع من التأمين فيسميها تأميناً تعاونياً أو نحو ذلك من الأسماء وربما يلبسون وربما يخادعون، وربما يلتمسون بعض العبارات لبعض أهل العلم، وربما أيضاً لا يبينون حينما يسألون، لا يبينون الواقع ولا الحال فيغررون بمن يسألونه، ويغررون بذلك غيرهم ممن يعاملهم، وهذا مخادعة لا تجوز. والتأمين الطبي كذلك، ومن هذا الباب إذا كان يدفع مالاً ثم يأخذ مقابل ذلك علاجاً سنوياً ثم هو ربما يعالج مثلاً في السنة مرة، مرتين، ثلاث، وربما يعالج مئات المرات فقد يقمرهم وقد يقمرونه فربما يدفع مثلاً في الشهر مثلاً مائة، مائتين أو يدفع في السنة ألفاً أو ألفين فقد لا يحتاج للعلاج إلا مرة أو مرتين لا تكلف مائة ريال فيقمرونه ويأكلون عليه هذا المال كله، وربما يحتاج لعلاج لشدة مرضه وكثرة مراجعاته فيكلفهم علاجه عشرات الآلاف وأضعاف مضاعفة مما دفعه من المال فيدور بين الغرم والغرم وهذا هو القمار، وأكل المال بالباطل، وإذا كان العقد على هذه الصفة كان محرماً، زيادة على المحرمات الأخرى.لكن هو يجوز في أحوال؛ حال الضرورة، أو حال الإجبار مثل إنسان ألزم، يكون في بلد يلزم بالتأمين مثلاً على السيارة، ولا يمكن إلا أن يؤمن، وكذلك أيضاً إذا كان في بلد يجبر على التأمين الطبي وكان وجوده متعيّناً في هذا البلد، أو كان إنسان تضرر مثل ليس عنده مال للعلاج وهو متضرر ولا تقبله المستشفيات ولو ترك نفسه بغير علاج لهلك، في الحقيقة في هذه الحال ينزل بمنزلة صاحب الميتة الذي تحل له الميتة، لا لأنه حلال في نفسه لكن ما دام أنه تضرر ضرراً شديداً ولم يتيسر له العلاج في مستشفى بدون مقابل، علاج مجاني ولا يمكن أن يحصل على هذا العلاج إلا بهذه الصفة وهذه الطريقة فيكون علاجه واجباً على كل من علم حاله ممن يقدر على ذلك، فإذا كانت هذه الجهة المؤمنة قبلته وأخذت منه المال فإنما أخذه من المال لا يكون قماراً في حقه وإن كان الذي دفعه أقل، هو في الحقيقة لا يلزمه أن يدفع شيئاً لتعين علاجه، لكن كأنه أجبر على هذا الشيء، وما يأخذه من علاج زائد على ما دفعه من مال فإنه حق له، فالمسلم على المسلم له حقوق عظيمة وعلى إخوانه المسلمين، فإذا منعوه من العلاج إلا بهذه الطريقة جاز أن يدفع وما يأخذه حلال له. مثل لو كان إنسان في حالة أيسر من هذه، له حق متعين في جهة من الجهات سواء كانت حكومية أو قطاع خاص، ومنعوه إلا أن يدفع للموظف مثلاً مال فيأخذها رشوة فيجوز على الصحيح أن يدفعها ويكون حراماً في حق الأخذ، فننزل في الحقيقة قد ننزل هذا المال ما نجعله، ما يدفعه من هذا المال ما نجعله عقد تأمين، هو إن كانت صورته صورة تأمين لكن كأنه يدفع مالاً، كأنه يرشيهم به لأجل الضرر النازل، فهو يعتقد أنه حق له واجب، ولا يبذلون إلا بأن يعطيهم، فإذا أخذه على هذه النية فلا بأس من ذلك، ولو كان جاهلاً بالواقع واضطر وعقدهم هذا العقد فكذلك، وهنالك صور أخرى تتعلق بأنواع التأمين وأحكامها مختلفة، لكن هذه القاعدة والأصل في التأمينات التجارية والتي تقدم أن عامة أهل العلم؛ بل إجماع من أهل العلم المتقدمون وكذلك أهل العلم في هذا الزمان على تحريم هذا التأمين. الطالب: فضيلة الشيخ التأمينات الخاصة. الجواب: مثل ما تقدم، تقدم الإشارة إليه، التأمين الذي يلزم به ويجبر عليه هذا لا بأس به، لكن هنالك أنواع ليس يجبر بها، يعني في التأمين الشامل، وفي التأمين يسمونه ضد الغير؛ التأمين الشامل لا يجبر عليه الإنسان ولا يلزم به، لكن التأمين ضد الغير هذا تختلف أحكامه، لكن هو يدخل في التأمين ويقول أجبرت عليه، هذا ليس مجبراً عليه إلا الشيء الذي لا يمكن أن يقود سيارته إلا به. نعم..