• تاريخ النشر : 05/01/2017
  • 249
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : حكم من يصاحب إنسان وربما يحصل غضب منك أو منه فلهذا اتق شر من أحسنت إليه ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; اتق شر من أحسنت إليه، هذا مثل وليس على الإطلاق، اتق شر من أحسنت إليه، يعني اتق شره إذا كنت تخشى شره، أو إنسان مثلًا علم أنه حينما يحسن إليه فإنه يمتن، يتمنن عليك بهذا الشيء، صنعت لك كذا وكذا، ويذكر المعروف ونحو ذلك، أو ما يكون أكثر، ثم قال: اتق، اتقاء الشيء هو عدم الوقع به، فهذا فيه دلالة على أنك تتقيه، فكأنه شرٌ تبصره أو تعلمه، هو ليس خيرًا محضًا، فتتقيه من تعلم أو غلب على ظنك أنك إذا أسأت إليه يصيبك منه شرٌ، قد يكون الإنسان أحمق، في هذه الحالة تحسن إليه، ولهذا لا نقول ما تحسن، الإحسان مشروع، الإحسان مشروع لكل أحد ولو وقع منه شر، ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾[فصلت:34] أحسن إليه، ليس معنى اتق أنك لا تحسن إليه، وهذا هو الغالب في أهل الإنسان أنك حين تحسن إلى إنسان تقول: جزاك الله خيرًا، بارك الله فيك، بارك الله في أهلك، هذا المعهود في أهل المحسنين، هذا هو المعنى، لكن قد يقع أحيانًا إساءة من بعض المحتاجين حينما يعطى شيء من المال، وربما يطلب، هذا نوع من الشر، هذا إن علمت أنه كذلك، فلا تعطيه شيئًا، ولو عرفت أنه يقبل ولو أنه أساء، فلا مانع أن تعطيه وإن أساء لك والرسول –عليه الصلاة والسلام- قال: "أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ ائْتمَنكَ، ولا تَخُن مَنْ خَانَك"(1) كذلك من جاءك لكنه محتاج، قد يكون إنسان أحمق محتاج فما يمنعك حمقه أن تحسن إليه، لكن تتق حاول أن تتق هذا إن كان منه شرٌ، وإلا فإنه منه كما ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾[الرحمن:60] أنت لا تطلب الإحسان منه، تطلب الإحسان من الله تتجاوز الإحسان، كما أنك تتقيه، اتق إحسان من أحسنت إليه، حتى ولو كان أخيك وليس المعنى اتق أنه شر، لا شر الإحسان من أحسنت إليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. حاول أن لا تأخذ على حسنتك جزاءً ولا ثواب ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾ [الإنسان:9] ،حديث عائشة رضي الله عنها عند النسائي بسندٍ صحيح وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم  أنها رضي الله عنها كانت تحب الصدقة ترسل إلى الناس البعيدين عنها فتقول رضي الله عنها لجاريتها احفظي ما يقولون(2)، وتقول رضي الله عنها: إنهم قالوا كذا وكذا، تقول: احفظي ما يقولون، معلوم أن الفقير عندما تحسن إليه يقول: جزاك الله خير، أحسن الله إليك، ونحو ذلك من الكلمات الطيبة، فينما تقول هذه الكلمات، هذه دعوات أليس كذلك، تقول عائشة: احفظي ما يقولون، فإذا جاءت الجارية تقول: قالوا كذا وكذا، ماذا تقول عائشة؟ ترد عليهم ما يقولون ويبقى لنا أجرٌ، تقول: جزاهم الله خيرًا، بارك الله فيهم، أحسن الله إليهم، كما تتتق هذا تتق هذا، حينما يقول لك هذه الكلمات بدون طلب منك لا تردها إنما أنت لا تسعى إلى طلبها ولا تنتظرها ولا تتمنن بصدقتك فهو الأكمل والأتم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه أبو داود (3535) الترمذي (1310)، وقال: هذا حديث حسن غريب. (2)في البر والصلة للحسين بن حرب (231) والبغوي في شرح السنة (1/177).


التعليقات