يقول السائل : حكم العمل بالبنوك الربوية، مع العلم أن لديهم أعمال غير ربوية ما حكم هذا، وما حكم راتب التقاعدي حيث يأخذه مقابل عمله في ذلك البنك؟ وما هي النصيحة له، وهو يقول الناس كلها تتقاضى أموالها من البنوك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; أولًا: قوله الناس كلها تتقاضى من البنوك، يعني حينما يقول الناس كلها مؤكد بكلها ليس بصحيحٍ، لو قال الناس يمكن أن يراد بذلك جمع من الناس، لكن "كلها" هذا ينفي المجاز، والناس ليسوا كذلك، فكثير من الناس ولله الحمد هم يتحرزون، ويحتاطون من البنوك الربوية.ومن يعمل فيها، فإن كثيرٌ منهم أيضًا يجد حرج، ويجتهد في الخروج، وترك هذه البنوك، وبالجملة لا يجوز العمل في البنوك الربوية.بعض أهل العلم في هذا الزمان يقول: يجوز أن تعمل في البنك الربوي إذا كان عملك لا علاقة له بالربا، تعمل في خدمات، وأشياء لا علاقة لها بعقود الربا، لكن هذا فيه نظر في الحقيقة، لأن عملك جزء من عمل البنك، ولا يتكامل عمل البنك إلا بعملك أنت، فقد تترك العمل مثلًا أنت، أو يترك هذا العمل، فيضعف العمل في الجانب الآخر الذي هو جانب العقود الربوية، ثم للبنك مال واحد، ورأسمال البنك مال واحد، ومرده واحد، وهذا العمل عائد نفعه إلى مال البنك، هذا هو القاعدة، هذا هو الأصل.كذلك الإنسان لو مثلًا كان هنالك إقامة حفلات محرمة مثلًا، فجاء الإنسان، واستأجر في هذا البيت، أو هذه الصالة، وصار يعمل، وقال أنا مجرد أنني أضع الفرش، ولا أشارك آلات لهم، ولا الموسيقى عملٌ مباح نقول: من قال؟!! أنت عملك الآن يعين على الحرام، حتى ولو كان مثلًا حارسًا، أو إن كان مثلًا مرشد لمن يأتي إلى البنك إلى هذا المكان، أو هذا القسم هذه القاعدة الشرعية: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة:2]نعم. فهذا العمل في البنوك الربوية أنت تختاره، وتذهب إليه، وأنت الذي تعمل، ولست ملزمًا، ولا مجبرًا بهذا العمل تستطيع أن يتيسر لك الرزق في أي مكان، ولله الحمد، ولهذا الواجب هو عدم العمل في أحد هذه البنوك.أما ما يتعلق بالراتب إذا كان الإنسان عمل في هذه البنوك بناءًا على فتوى، ثم تبين له ذلك، في هذه الحالة لا شيء عليه فيما مضى من الراتب ولو فرضًا الإنسان يعمل في البنك، وعمله في البنك مثلًا في جهة لا علاقة لها بالربا- على هذا القول- هذا قول هل يقال أنه يجوز أن يعمل بهذه الفتوى، أو يقال هذه فتوى ضعيفة؟ والله أعلم. ووالله ليس عندي في هذا البيان، ولست على فتوى، ولا يقين من هذا من جهة هذا القول، وبالجملة حتى من أخذ بهذا القول، عليه أن يحتاط، وأن يحترز في دينه كما تقدم. أما مسالة الراتب التقاعدي: فإذا أخذنا بالقاعدة من أنه مترتب على شيء محرم، قد يقال أنه لا يجوز، ويمكن أن يقال أن عملي انتهى الآن، وليس له علاقة بذلك الآن، والبنك عمله يعطيه ابتداءً كأنه يعطيه، وليس يعمل الآن، وإن كان فالأصل منافٍ لعمله، ولو ترك الراتب التقاعدي في الحقيقة لكان إعانةً للبنك، فأخذه الراتب التقاعدي في هذه الحال، ربما يضعف عمل البنك من جهة أنه يأخذ هذا المال، فلو أبقيناه، وقلنا له اترك هذا الراتب التقاعدي للبنك؛ استعان البنك بهذا الراتب على أعماله المحرمة.مثل إنسان أمن عند شركة التأمين التجاري المحرم، في هذه الحال نقول له: الأصل لا يجوز لكن لو أخذ التأمين، ثم سألنا بعد ذلك. قلنا لا يجوز فهو أخذه بغير وجه حق، فيقول أردهم عليهم؟ قلنا لا لا تردهم عليهم، لأنك تعينهم أخذوه بغير وجه حق، سوف يستعينون به على الأمور المحرمة. بل أنت عليك أن تتخلص منه، لأنه مال حرام لكن التقاعد في هذا الحال. هل يقال أنه مثله، ويتخلص منه، أو أنه يستفيد منه الله أعلم. سائل:لماذا يقال أنه لا يصرف إلا إلى جهات خيرية ؟ الشيخ: هنا إذا صرفه إلى جهات خيرية هذا لا إشكال فيه، يعني الفقراء والمساكين هذا حسن طيب، وفيه براءة ذمه، وسلامه من الإثم، على قول من قال لا يجوز، إنما هل يطيب له هذا موضعٌ آخر.