حكم التهنئة للترقيات الوظيفية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
التهنئة بالترقيات الوظيفية هذه تهنئة بأمرٍ من الأمور العادات لا من أمور العبادات، والأظهر أنه لا بأس به، وكذلك أيضًا مما يستدل له في هذا أن الإنسان حينما يحصل له نعمة من النعم فيشرع لإخوانه أن يهنئون على ذلك، وجاء في حديث وإن الحديث فيه ضعف رواه الخرائطي: "وإن أصابه خيرًا هنأته"(1)، هذا فيه ضعف، لكن تهنئته كما تقدم هي من باب العبادات، وإن كانت التهنئة في أمر العبادة التهنئة العارضة المشروعة كما دل على ذلك حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، فكونها تشرع أو كونها لا بأس بها في أمور العبادات من باب أولى، لأن هذا من تطييب النفوس وما يحصل به من المحبة، وهذه أمور حثت عليها الشريعة. وكذلك كعب مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه هنأه من هنأه، من ذلك أنه قال: قام إلي طلحة بن عبيد الله وهنأني(2)، هرولة إليه وهنأه بتوبة الله سبحانه وتعالى عليه. وإذا كان هذا في أمرٍ من أمور العبادة، والأصل في أمور العبادات هو التوقيف فهو دلالةٌ خاصة، والدلالة الخاصة تدل دلالةً عامة على جنس التهنئة في أمور العادات، لأن العادات ليست عبادة فيشدد فيها، فإذا ورد في هذا الباب فهو أولى أن يكون في غيرها.
وأيضًا في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه في الفهم والعلم حيث قال له عليه الصلاة والسلام: "أي آيةٍ في كتاب الله عندك أعظم؟، قال: قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: ليهنك العلم أبا المنذر"(3)، فهنأه عليه الصلاة والسلام بهذا. وجاءت أخبار أيضًا في هذا الباب في قول أبي بكر المشهور عنه: دعني أبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنما المقصود هو التهنئة.لكن الذي لا يحصل هو طلب بشارة أو نحو ذلك مما تهنئه، هو إذا ابتدأك لا بأس، كما أعطى كعب رضي الله عنه من بشره بذلك ثوبي أو واحدًا من ثوبيه، رضي الله عنه، وقال لا أملك غيرهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه الطبراني في الكبير (1014).
(2)أخرجه البخاري (4418) ، ومسلم (2769)
(3) أخرجه مسلم (810).