• تاريخ النشر : 08/08/2016
  • 155
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1435
السؤال :

يقول السائل : أخذ عمرته فطاف وسعى، ثم حلق رأسه، ثم علم أن الطواف واجب، فطاف.

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; نقول في هذه الحالة، جمهور العلماء يقولون، يجب عليك أن تعيد السعي، وهناك رأي لبعض أهل العلم أنك لا تعيد السعي، لقوله عليه الصلاة والسلام لأسامة بن شريك عند أبي داود، أنه عليه الصلاة والسلام كان يُسأل في أيام الحج: طفت قبل أن أرمي  هل علي حرج، فكان عليه الصلاة والسلام يقول: أفعل ولا حرج."وقال رجل أخر: سعيت قبل أن أطوف، فهل علي حرج، قال: لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم، فذلك الذي حرج وهلك"(1) ومن أهل العلم من قال إنه لا ترتيب في حال الجهل وعدم الحكم عند الإنسان، وهذا لو الإنسان كان جاهل من هذه الصورة أو نسي، وظن أنه طاف فسعى فنقول عليك أن تقوم الآن وتطوف، ولكن إن أعاد السعي فهو أتم، خاصة إذا كان في مكة أو قريب من مكة، أما إذا كان سافر ولا يمكن الرجوع، في هذه الحالة يشق عليه، نقول طوافك صحيح وسعيك صحيح، أما حلقه لرأسه في هذه الحالة  يعذر بجهله، {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} [البقرة:286]، قال: الله {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}[البقرة:225]، وهذا ليس بكسب قلبه لجهله، فإذا طاف في هذه الحالة، عليه أن يتحلل بحلق رأسه أو اكتفى بالتقصير. وما عليه دم إلا إذا كان أخطأ الإنسان، لكن هو يعلم أنه يجهل، ويعلم أن له أحكام مقيمة على جهل، وترك السؤال عمدًا. لكن إن كان إنسان طاف جاهلا وهو يعلم أنه جاهل، لكن هو يقول أنا أجهل ولن أسأل، هذا جاهل، وأخر قال: سعى يعتقد أن السعي يجوز الأول قبل الطواف أو يعتقد أن العمرة طواف بس، هذا اعتقاد، لم يقصر، ولم يحصل له تقصير ولا تعطيل، هذا عذر، أما إنسان أقدم على جهل بجهله هذا مخاطب، مثل إنسان يعلم أن الوطء في رمضان حرام ويجهل الكفارة، نقول عليه كفارة، وجهله بالكفارة لا يسقطها، لعلمه بذلك، مثل إنسان قصر شعر رأسه عالما أن التقصير حرام، جاهل أن له كفاره، هذا نقول ليس عليه كفارة، نقول هو جاهل بالكفارة لكن هو عالم إن فعله لا يجوز. كذلك الذي طاف أو سعى بدون أن يسأل هو في الحقيقة فعله هذا لا يجوز، لأنه يجب أن يسأل، والواحد منا لو أراد أن يقدم على أمر من الأمور في الدنيا، في تجارة أو بيع أو نحو ذلك لسأل قبل أن يقدم، لا يقول يقدم بمقتضى علمه، بل يسأل أهل الخبرة، ويتحرى حتى يكون عمله هذا على بصيرة، فلو عمل الإنسان على هذا العمل وقدم عليه بجهله، فإنه لا يجوز. إنما هذه الصورة في من عمل عملا، وهو يعتقد أن هذا العمل هو الصواب، ثم سأل بعد ذلك تبين له إنه على خطأ، نقول الحمد لله. والأخبار في هذا كثيرة عن النبي عليه الصلاة والسلام، في عدم مؤاخذة الجاهل، والصحابة رضي الله عنهم، كثير منهم، أكل بعد طلوع الفجر، في حديث سهل بن سعد، أكلوا حتى تبين لهم الصبح، بعد طلوع الفجر، ، فيأكل حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، كما في حديث عدي ابن حاتم رضي الله عنه(2) والنبي عليه الصلاة والسلام لم يأمرهم بإعادة الصيام، لأنهم يعتقدون أن هذا هو المراد من الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلما علموا أنه بياض النهار وسواد الليل، وأن المراد  به هو وقت الصبح، ولهذا لما علموا بها، كانوا في بادئ الأمر يعتقدون أنه هو الصواب ولم يأمرهم في إعادة صومهم، وهذا أيضا فيما تقدم له فضائل في مسائل كثيرة. 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه أبو داود في "السنن" (2015) ، والنسائي (7512) وابن ماجة (3436) وهو في "مسند أحمد" (18454). (2)عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] مِنَ الْفَجْرِ قَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ: عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ»  . أخرجه مسلم (1090) ،


التعليقات