مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : امرأة تأتي العمرة خمس مرات مع الوفد، والرفقة الآمنة مع غير محرم فما حكمها؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; امرأة تأتي العمرة خمس مرات إن كان يريد يعني أنها تأتي مسافرة مع غير محرم، سفر المرأة بغير محرم جاءت الأدلة في  المنع عنه، عن ابن عباس(1)، عن ابن عمر(2)، وأبي سعيد الخدري(3)، وأبي هريرة "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم"(4) في الصحيحين ، وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري "لا تسافر امرأة مسيرة يومين(5)" وفي الصحيحين عن أبي هريرة "لا تسافر امرأة مسيرة يوم إلا مع ذي محرم "(6)، وعن أبي سعيد الخدري " مسيرة يومين" وعند أبي داود "مسيرة بريد"(7) وعند الطبراني "مسيرة ثلاث أميال إلا مع ذي محرم"(8).كلهم مع ذي محرم هذا عام بكل الأسفار، ولكن مع من خص سفرها الحج والعمرة، قال: يجوز أن تسافر المرأة مع وجود الرفقة الأمنة ، واختار شيخ الإسلام، وفريق من أهل العلم قالوا كذلك، وقال شيخ الإسلام رحمه الله كما نقله عنه ابن مفلح: ولن تجد ذلك في كل غربة، للسفر لطلب العلم السفر لمثلا صلة الرحم ونحو ذلك هذا اختياره رحمة الله.قال ابن المنذر رحمه الله: اشترط كل منهم شرطًا، وشرط رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق، ما هو شرطة اشترط محرم فقط، كله اشترط شرط البعض علق بالرفقة الأمنة، بعضهم قال إذا كان الجمع كثير وما أشبه ذلك من شروط بعضه تبرر سفر الحج ، فكل اشترط شرط وشرط رسول الله المحرم فقط. إذًا الرسول عليه الصلاة والسلام اشترط المحرم عند ذلك إذا جاء بحر الله بطل بحر العقل، مع أن هذا هو معنى العقل، لكن النظر الذي أحتمل لا يقبل، لكن قد يقال في حال الضرورة ، بعض أهل العلم ينزل أحيانًا الجمع الكثير منزلة أهل البلد، يقول: إذا كانوا جمعًا كثيرًا خرجوا معهم متاعهم وطعامهم وهم رفقة من الرجال والنساء، فكأنهم أهل البلد يتعارفون ويتجاورون، وكأن في قريتهم وفي بلدتهم، وعلى هذا القول ممكن ينزل مثلا من يكون في الطائرة لأنهم جمع كثيرون أو بالباخرة مثلا، أو الرفقة الكثيرة المتصاحبون بالسفر بالسيارات إذا كانت سياراتهم لا تجتمع يعني يتواعدون فلا، أما إذا كانوا جميعًا يسيرون جميعا ينزلون جميعا هذا ينزل منزلة الجمع الكبير من خلال السيارة الواحدة هذا القول حكاه بعض أهل العلم من الشافعية والأحناف، وخرجوا المسألة على هذا القول، وأن الجمع الكثير بمثابة أهل القرية.لكن هذا فيه نظر ولا دليل عليه؛ لأن المرأة مهما كانت "لحم على وضم"(9) كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله والمرأة في سفرها يعرض لها ما يعرض بل يختار لها. ولعلي سبق أن ذكر قصة لأحد علماء الشام رحمهم الله يحدث أنه نحن أهل الشام كان يرى أن المرأة لا تسافر بمحرم، وكانت زوجته من أهل العلم ترى أن المرأة يجوز أن تسافر بغير محرم هي من أهل العلم اجتهدت تقول لا يوجد شيء في هذا أنا لا أعارضه، فسافر هو وإيها مرة بالطائرة فلما أرادوا النزول كان النزول في موعد يعني صعب يحتاج لمن يعينها على الدرج، امرأة كبيرة، فقالت لزوجها هذا الشيخ: أمسك بيدي، قال: لا، أمسك يدك انزلي وحدك أنت تقولي المرأة لا يسافر معها محرم أنا لست معكي، قالت: رجعت عن قولي، رجعت عن قولي أمسك بيدي، رجعت عن قولي يعني انظر لو أن لكل واحدة وهذا يعرض ربما يحصل أشياء أحيانا سواء قد يحصل مثلا في الطائرة خلل أو نحو ذلك تنزل المرأة تحتاج لمساعدة مهما كان وهذا واقع؛ ولهذا حكمة الشرع اشتراط المحرم في حال الضرورة المستثناة عند أهل العلم في حال الضرورة المستثناة. أو مثلا امرأة لا يكون لها محرم منقطعة و كانت في برية وحدها ووجد إنسان ريد أن يأخذها وليس لها محرم، وامرأة مثلا فرت من الكفار بنفسها وتسافر وحدها؛ لأن هذا يرجع إلى قاعدة المصالح والمفاسد؛ لأنها ترتكب مفسدة صغيرة في جهة المفسدة  عظيمة ، أو مفسدة عظيمة في مفسدة ماذا أعظم منها، وقاعدة الشريعة هو اجتناب المفاسد اليسيرة لدفع مفاسد العظيمة، ودفع المصالح اليسيرة لتحسين المصالح العظيمة، المصالح العظيمة تحصل وأن دفعت ماذا المصالح الصغيرة والمفاسد الكبيرة تدفع وإن اندفعت الفاسد التي دونها هذا إن لم يمكن التخلص منهم. كما أنه إذا أمكن المصلحتين واجب، دفع المفسدتين  هذا واجب التخلص من المفسدة والعمل بالمصلحة هذا هو الواجب، لكن عند التلازم لابد من هذا وهذا، تلازم مفاسد وتلازم المصالح يعني إما هذا وهذا، لابد أن ينفك حين يكون مصلحتان ومفسدتان، أو مصلحة ومفسدة ولا يمكن تحصيل المصلحتين ولا دفع المفسدين ، ولا تحصيل المصلحة بالمفسدة بل لابد إذا دفعت المصلحة المفسدة أو المفسدة المصلحة ينظر أيهما أعظم تحصيل المصلحة ولا إذا كانت مفسدة أو يمنع المفسدة وإن فاتت المصلحة هذه موضع اجتهاد والحاجة إليها موضع ضرورة خاصة في مثل هذه الأوقات، ما أكثر ما يعتقد الإنسان أمور في بيته في عمله في تجارته في طريقه، أمور يدور الأمر فيها بين المصلحة والمفسدة يجتهد لكن ينظر بعيين بصيرتين ما ينظر بعين واحدة ينظر المصلحة دون المفسدة، أو المصلحة دون المفسدة فتوازن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري رقم (1862) ومسلم (1341). (2) أخرجه البخاري رقم (1086) ومسلم (1338) (413) ، (3) أخرجه البخاري رقم (1197) ومسلم (827). (4) أخرجه البخاري رقم (1088) ومسلم (1339).  (5) أخرجه البخاري رقم (1197) ومسلم (827).  (6) أخرجه البخاري رقم (1088) ومسلم (1339).  (7) أخرجه أبو داوود (1725)، وابن خزيمة (2526)، وابن حبان في "صحيحه" (2727)، والحاكم 1/442 (1616) وصححه وأقرَّهُ الذهبي. والطحاوي في شرح معاني الأثار(3497).  (8) معجم الطبراني الكبير 2/121 (12652)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، مرفوعاً بلفظ: "لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو مع ذي محرم" فقيل لابن عباس: الناس يقولون: ثلاثة أيام، قال: إنما هو وَهْم منهم.
(1)هذا أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أورده الحافظ ابن كثير في مسند الفاروق عمر (2/137).


التعليقات