يقول السائل : هل تكون الصلاة في المقام فرضاً بدلالة قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة:125]؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
المسألة أن الفرض أنه إذا تيسر أن يصلي عند مقام إبراهيم هذا مشروع، لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة:125]، والعبرة كما يقول العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص بالسبب، ولو قلنا أنه واجب لوجب أن تصلي فيه دائماً،لقوله عزوجل: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة:125]، فلو قيل بالوجوب، لوجب أن تصلي كل صلاةٍ فيه، وهذا يبين أنه يشرع أن يتخذ مصلى، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة:125]. ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام قرأ الآية وصلى عند مقام إبراهيم، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((أبدأ بما بدأ الله به))(1)، وبدأ بالصفا صلوات الله وسلامه عليه، أي الصفا والمروة من شعائر الله، قال: ((أبدأ بما بدأ الله به)). وأهل العلم يقولون ليس بواجب من جهة أن الطواف يكون واجباً ويكون مستحباً، ولو كانت الصلاة واجبة عنده لكان أيضاً الطواف واجب، وطواف التطوع تطوع، والصلاة التابعة له تطوع عند الجمهور، بل الركعتان للفرض هل واجبة أو غير واجبة؟
إذا كان الطواف فرض ، ذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجب مطلقاً، وبعض أهل العلم قال أنها واجب إذا كان الطواف فرض كما هو قول مالك. ولكن يدل على عدم الوجوب فعل عمر رضي الله عنه من حيث صلى صَلَاة الصُّبْح بِالْكَعْبَةِ، فَلَمَّا قضى طَوَافه نظر فَلم ير الشَّمْس، فَركب حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طوى فسبح رَكْعَتَيْنِ. (2)
، كذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال لأم سلمة: «إِذَا أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ». فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ(3)
ثم النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر الناس أن يصلوا، ولو كان واجباً لقال واجب إنما تلا لآية عليه الصلاة والسلام، كما أنه تلا الآية حينما قال: ((ابدءوا بما بدأ الله))، ثم قال: ((إن الصفا والمرة من شعائر الله))، وتلاوته هذه ليس بواجب كذلك أيضاً هو صلى ولم يأمر الناس بذلك عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال العلماء أنه سنة وليس بواجب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)هذا في حديث جابر في وصف حجة النبي صلوات الله عليه أخرجه مسلم (1218).
(2) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم عند حديث (6261).
(3) عنْ أُمِّ سَلَمَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَرَادَ الخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتْ صَلاَةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ». فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ
أخرجه البخاري (1626).