يقول السائل : شخص يخاف أن يصيبه الاحتكاك بين الفخذين قبل أن يحرم أو بعد أن يحرم، فماذا يفعل إذا أصابه الاحتكاك بعد الإحرام؟ ويقول: ماذا يقول الرجل إذا وصل إلى الجمرات؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
يجاهد الاحتكاك، فيستعمل ما يكون سبباً لمنعه، بعض أنواع المرطبات التي ترطب البدن ومن الدهونات، هذه لا بأس أن يستعملها وفي الغالب أنها ليست من الطيب، وإن احتاج أن يضع عازل على فرجه فهذا إن كان خاصاً بالفرج ويفصل ويحجز بينه وبين فخذيه، فهل فيه فدية أو لا؟ الأظهر أنه لا فدية فيه، إذا كان خاصة لفرجه ، أما إذا كان للقبل والدبر وهو السراويل فهذا فيه فدية، أما إذا كان مجرد خرقة توضع للقبل وتحول بينه وبين فخذيه فالأظهر أنه لا بأس به ولا فدية فيه، لأن المنهي عنه في البدن هو ما يكون لباساً، وفي الغالب أنه لا يضع لباس خاص للقبل إنما يضع اللباس ويفصل للسوأتين من التبان القصير أو الطويل، أما ما يكون خاصاً للقبل فهذا لا يدخل فيما يظهر والله أعلم في باب اللباس الذي يُنهى عنه المحرم. وكذلك على الصحيح لو وضع لصقة أو غطاء على جرح دواء بعض أنواع اللصوقات فهذه الأظهر أنه لا تضر في البدن، لكن في الرأس هذا هو موضع النظر، في الرأس هذه الجمهور على أنه يفدي لو وضع لصوق على رأسه فالجمهور على أنه يفدي، لأن الرأس يُنهى عن تغطيته، فالرأس الإحرام فيه أشد من البدن، والبدن تغطيه وتستره لكن لا تستره بما صُنع له، فإذا كان المصنوع مصنوع مثلاً للقدم بكاملها أو للقدم والساق هذا لباس، أو شق سراويل للقدم ولو كان شق سروال فهذا يعتبر لباس، أما إذا كان شيئاً لا يعد لباساً فإن فدى هو أحوط وإلا فلا يلزمه. أما ما يوضع على الرأس فالجمهور يقولون أنه يفدي، والقول الثاني ولعله أظهر: إذا وضع لصوق أنه لا يلزمه فدية خاصة إذا كان اللصوق هذا موضع حاجة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه احتجم وهو محرم، كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن بحينة (1)، كذلك في الصحيحين عن ابن عباس(2)، كذلك حديث أنس أيضاً عند البخاري معلقاً أيضاً أنه احتجم وهو محرم عليه الصلاة والسلام()، وذكر الحجامة في الرأس أن الحجامة في الرأس لا تكون إلا مع حلق شيء من الشعر، لابد أن يُحلق شيء من الشعر حتى تبدو جلدة الرأس فيحجم ذلك الموضع، والجمهور على أنه يفدي، وذهب مالك أنه لا فدية فيه من صيام أو صدقة أو نسك، وهو قول مالك رحمه الله واختيار ابن القيم، وهذا هو الأظهر خاصة إذا كان موضع الحلق يسير، ومثله أيضاً ما يكون لصوق من باب أولى لأنه عند الجمهور أخف من الحلق، فالحلق عندهم إتلاف وتجب فيه الفدية مطلقاً سواء كان عالماً أو ناسياً أو جاهلاً، أما ما يوضع على الرأس ويغطي الرأس فهو فيه فدية عندهم إذا كان عالماً. فتبين من هذا أن وضع اللصوق أخف من حلق الشعر، وعلى هذا يكون أولى بعدم الفدية، والدليل عليه أنه لم يُنقل، قد يقول قائل: كونه حلق قد يكون فدى، نقول: لو فدى عليه الصلاة والسلام لنُقل وكونه لم يُنقل يدل على أنه لم يفدي عليه الصلاة والسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري ( 1739 ) ومسلم ( 1203).
(2) أخرجه البخاري (1835) و (5695) ، ومسلم (1202) (87).
(3) أخرجه أبو داود (1837) ، والترمذي في "الشمائل" (358) ، والنسائي 5/194، وأبو يعلي (3041) ، وابن خزيمة (2659) ، وابن حبان (3952) ، والحاكم 1/453، والبيهقي 9/339،