يقول السائل : أتيت من المدينة محرم بعمرة متمتع إلى الحج بنية لوالدي، وسمعت بأن الدعاء له خير من الحج ومن العمرة، فهل أغير نيتي وأحج عن نفسي أولاً؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أولاً إن كان والدك موجود على قيد الحياة وهو قوي يستطيع الحج فأنت لا تحج عنه، إن كان يستطيع النسك، وإن كان ميتاً توفي أو كان ضعيفاً لا يستطيع النسك فلا بأس أن تحج عنه، والنبي عليه الصلاة والسلام أذن بذلك، فإذا حججت لا بأس، لكني أقول أن الإنسان عليه أن يستكثر من الخير لنفسه إلا إذا وصاه والداه مثلاً ففي هذه الحالة يُرجى أن يحصل له برهما بالحج عنهما أو بالعمرة عنهما، وأن يُكتب له بنيته النسك له لأنه يريد النسك لكن آثر بر والديه لأنهما رغبا في ذلك أو وصياه في حال حياتهما ثم ماتا أو في حال حياتهما وهما موجودان لا يستطيعان وهذا يطيب أنفسهما وهو يود الحج، والإيثار بالقربات يُشرع حينما يكون فيه تطييب للنفوس وإدخال السرور على المسلم، وأعظم سرور يدخله المسلم على والديه، من أعظم وأفضل الأجر أن يُدخل الإنسان السرور على غيره بهذا العمل العظيم فيُرجى له البر والخير، فإذا أحرم أو حج عنه فلا بأس، وإن كان ابتداء منه بدون وصية منهما في هذه الحالة إذا حج عن نفسه وأكثر الدعاء لهما فهذا هو المشروع.
والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ،أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ،أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ))(1) ذكر عليه الصلاة والسلام الدعاء، قال: ((أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَه)) هذا يبين أن الميت أول وأولى ما يقدمه الولد له هو الدعاء، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في بعض ما سئل ذكر الصدقة حينما سئل، كما في الصحيحين في حديث عائشة في قصة سعد بن عبادة، قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها،وأظنها لو تكلمت تصدقت أفينفعها أن أتصدق عنها ؟ قال: ((نَعَمْ))(2)، فالميت لا بأس للإنسان أن يتصدق عنه وخاصة العمل الذي لا يفوت عليه شيئاً من الفضل، فالحج الإنسان يحج عن نفسه ويعتمر عن نفسه ويدعو لميته، وإذا حج أو اعتمر عن ميته فلا بأس كما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (1631)، والترمذي (1430)، والنسائي (3651).
(2) أخرجه البخاري (1388) و (2760) ، ومسلم (1004).