يقول السائل : العمرة إلى العمرة كم بينهما؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
تكون المدة على ما نقل عن أنس رضي الله عنه، أنه إذا حمم رأسه(1)، قال أحمد رحمه الله عشرة أيام، هكذا نقل ولا تقدير فيها ولم يأتي الدليل من السنة على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " تَابِعُوا بين الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذنوب، كما يَنفي الكيرُ خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ، وليس للحجةِ المبرورةِ ثوابٌ إلا الجنةُ"(2) رواه الترمذي عن عبد الله بن مسعود, وقال:" خمسٌ يُكفِّرنَ ما بينَهنَ، الحَجَّةُ إلى الحَجَّةِ، والعُمرةُ إلى العُمرةِ، وشَهرُ رمضانَ إلى شَهرِ رمضانَ، والجمُعةُ إلى الجمُعةِ، والصَّلاة إلى الصَّلاةِ"(3) عبد الله بن عباس. وقال:صلى الله عليه وسلم- "مَن حجَّ هذا البيتَ، فلم يَرفُثْ، ولم يَفسُقْ، رجَع كيومَ ولدَتْه أمُّه"(4) رواه أبو هريرة, عند مسلم. من "أتى هذا البيت"(5)، من أتى؛ يشمل الحاج، يشمل المعتمر يشمل الزائر بغير حج ولا عمرة، زيارة للاعتكاف، زيارة للطواف، زيارة لمرابطة الحرم، قال من آتى لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: المسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومسجدِ الأقصى(6) "رواه أبو هريرة, ومنها المسجد الحرام، وشد الرحل مشروع، وشد الرحل قد يكون للحج, وقد يكون للعمرة, وقد يكون لسائر الأعمال الأخرى، لقصد طلب الأجر والثواب في القرب من الكعبة، والمكث في المسجد والصلاة والطواف ونحو ذلك، وكلها من أعمال الخير، ولكن أعمال الخير ليست خاصة بالعمرة، قال من أتى هذا البيت، لا تشد الرحال يشمل كل قربة يعملها العبد، ولهذا قال الطاووس بن كيسان رحمه الله، فيما صح عنه حينما سُئل عن هذه العمرة؛ يقول يمشي أحدهما أربعة أميال، لو مكث لطاف سبعين شوطاً، وهذه المدة في الحقيقة وإن كانت في تلك الأيام، يمشون على الرواحل، يمكن الذين يمشون على الرواحل تلك الأيام، أعجل من الذين يذهبون على السيارات اليوم للازدحام، خاصة متى حتى حين ما ينزل ويريد دخول الحرم، ووصوله إلى الكعبة لكثرة الناس، والازدحام فبهذا مكث الإنسان وكثرة طوافه وتنفله بالطاعات، ربما كان أفضل، وإن أخذ والحمد لله، يجعل بينهم مدة من الزمن، يعني يطول فيها شعر رأسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس، وأخرجه الشافعي الأم (2/ 147)، وابن أبي شيبة في المصنف (رقم 12874)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 344)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 57)، وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 270(.
(2) أخرجه الترمذي (810) والنسائي (2631).
(3) أخرجه ابن عدي الكامل في الضعفاء (6/494) و قال ابن عدي: منكر.
(4) أخرجه البخاري (1819)، ومسلم (442).
(5) أخرجه مسلم (1351).
(6) أخرجه مسلم (1399).