يقول السائل : ماذا يتوجب على الحاج الذي يتأخر بعد المغرب في العودة إلى منى للمبيت فيها بعدما ينزل إلى مكة لطواف الإفاضة لقضاء شئونه الخاصة؟ وشكراً.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
من نفر من منى ثم طاف للإفاضة ثم رجع إلى منى فلا مبيت عليه، إذا نفرت من منى اليوم الثاني عشر خرجت ناوٍ النفر وكان خروجك قبل الغروب ثم طفت وسعيت ثم رجعت إلى منى فبت بها لحاجة أو لغرض فلا رمي عليك ولا شيء عليك، وبعض أهل العلم يرى أنك تأخذ متاعك، والأظهر والله أعلم أنه إذا خرج من منى نافراً ينوي النفر فكما قال سبحانه: {فَمْن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}(1)، وذهب مالك رحمه الله إلى أنه إذا نوى النفر فإنه لا يلزمه الرمي ولو بات في منى الليلة الثالثة لأن المقصود بذلك هو نية النفر، وأن هذا هو ظاهر القرآن، ولا شك أن قوله قوي، والجمهور يقولون: إن من تمام النفر أن يخرج منها، فإذا خرج منها فرجع إليها وكان حال خروجه ينوي النفر فقد تم حجه أو قد انقطعت علاقته بمنى، ففي طوافه للإفاضة إن كان لم يطف قبل ذلك فنوى به الوداع فقد خرج من مكة مودعاً، فإذا رجع إلى منى فهو راجع إلى أهله، فبقاؤه في منى كمحطة للاستراحة له ثم بعد ذلك يسير، فلا شيء عليه على الصحيح، وكذلك على الصحيح لو أنه خرج من منى ينوي النفر ليلة الثالث عشر فأدركه الليل قبل أن يخرج لزحام الطريق إما زحام السيارات أو ازدحام الناس فالصحيح أيضاً أنه لا يلزمه رمي اليوم الثالث ما دام خرج بنية النفر، لأنه نوى النفر وهذا عذر ليس باختياره، لهذا لو أنه ذهب إلى منى بعد العصر من ليلة الثاني عشر ليطوف للإفاضة فحبس في الطواف ولم يستطع أن يرجع إلى منى إلا عند طلوع الفجر لازدحام الطريق والازدحام في الطواف وكذلك ازدحام الطريق حال رجوعه، فلم يصل إلى منى إلا بعد طلوع الفجر فلم يبت تلك الليلة ولا لحظة منها في منى فلا شيء عليه على الصحيح لأنه معذور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة: البقرة (203).