يقول السائل : ما حكم رمي الجمار والخروج من منى؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
أما رمي الجمار والخروج من منى فهذا يُنظر، إن كان ليس له مكان في منى أو لم يجد إلا في الطرقات والأرصفة وبين الخيام فهذا لا يمكث، بل ربما قيل لا يجوز لك أن تجلس في الطرقات تؤذي المسلمين في طرقاتهم، بعض الناس يصر على البقاء في منى ولو آذى غيره أو آذى نفسه، لأنه لا يخلو من أن يؤذي غيره بأن يمنع الطريق أو يسد الطريق وجوده في الزحام، أو أن يؤذي نفسه في طريق السيارات أو المارة مثل ما يفترش أناس كثير الطرقات، فيؤذون الناس ويؤذون أنفسهم، ومثل هذا لا يجب عليه البقاء في منى بل لا يُشرع له ذلك، والشرع أوامره بحسب الاستطاعة. والمبيت في منى اختلف العلماء هل هو واجب أو مستحب؟ ذهب أبو حنيفة وجماعة إلى أنه مستحب، لأن المقصود من المبيت هو الرمي، وذهب الجمهور إلى أنه واجب وهو الصواب، لأن المبيت نسك مستقل والرمي كذلك فهما واجبان، فمن لم يتيسر له المبيت في منى: لم يجد مكاناً فلا يجب عليه خاصة إذا كان معه نساء وأطفال فلا يؤذي نفسه، ولو آذاهم يأثم بالتضييق عليهم والمشقة عليهم وكذلك المشقة وإيذاء إخوانه المسلمين، وبعد ذلك هل يلزمه المبيت في أقرب مكان؟ نقول لا، ما دام سقط عنه المبيت فالحمدلله يكون في مكة وفي الحرم قريباً منه، طبعاً لا يذهب إلى جدة يقول: ما دام سقط عني سوف أرجع إلى بلدي: يذهب إلى جدة أو الطائف، لا، تكون مع الحجاج في مكة وقريباً منها وفي الحرم، لا يلزمك أن تجعل مكان إقامتك ملاصق لأهل منى وليس كالصلاة يوم الجمعة يعني لو أن جامع امتلأ يوم الجمعة فإنك تصف مع الناس ولو خارج المسجد، ولو سُدت الطرقات، يجب على الناس أن يقفوا في هذه الحالة حتى المار يجب عليه أن يتوقف، لا يجوز، لو قال: الطريق نقول: الطريق لا، يجب عليك أن تصلي الآن، ما في طريق الآن، يجب أن تصلي، فإذا سد الناس الطرقات لا يعتبر سدهم إيذاء لأنه يجب، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}(1) والمقصود من الجمعة الجماعة والاجتماع، والاجتماع شرط لها ولهذا لا تصح الجمعة وحدها، مثل الصلاة المفروضة، تسوية الصف، أتموا الصف الأول فالأول، بخلاف منى فكل يقف وحده، كل يرمي وحده فليست كالصلاة يوم الجمعة حينما يمتلىء، أو الصلاة حينما تصلي في المسجد فيمتلأ المسجد، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((أتموا الصف الأول فالأول فما كان من نقص فليكن في المؤخر))(2) ثم هناك أحكام أخرى بل لو حصل فاصل من ممر نهر أو طريق ولم يمكن للصفوف أن تتصل، في قول جيد أنك تصلي إذا أمكنك أن تقتدي بهم ولو كان هناك طريق فاصل بينك وبينهم وأنت ترى المأمومين وتقتدي بهم، وترى أحوالهم في الركوع والسجود، فتحصيل الجماعة أمر مطلوب بل متعين، بخلاف منى فكل يقف وحده وكل يرمي وحده ويدعو وحده، أما صلاة الجماعة والجمعة: فروق عظيمة بينهما، فيبيت حيث تيسر له لكن قريب من المشاعر حتى يتيسر له أدائها على الوجه المطلوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة: الجمعة (9)
(2) أخرجه أبو داود (671) ، والنسائي 2/93، وأبو يعلى (3163) ، وابن حبان (2155) ، وابن خزيمة (1546).