يقول السائل : ما فضل أيام ذي الحجة؟ وما العمل فيها خاصة للحاج؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الفضل ورد في عشر ذي الحجة، ورد في أخبار كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام في العشر وكذلك في أيام التشريق، وورد كذلك فضل عام في الأشهر الحرم، قال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس رضي الله عنهما:" ما من أيام عمل الصالح فيهن أعظم من هذه الأيام، قال يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أحدٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء(1)، وورد أيضاً في هذا أخبار عن ابن عمر عند أحمد: فأكثروا فيهن من التكبير والتحميد والتهليل،(2) وقال والتسبيح، فالأخبار فيها كثيرة في فضلها، وهي المذكورة في قوله سبحانه وتعالى: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[الفجر:2] عند الجمهور، الجمهور يقولون أنها العشر ذي الحجة، فهي أيامٌ عظيمة، وذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان مطلقاً، ومن أهل العلم من قال إن أيام عشر ذي الحجة في النهار أفضل من نهار عشر رمضان الأخير، وليال رمضان أفضل من ليال عشر ذي الحجة، هذا اختيار تقي الدين يقول المفاضلة بين الأيام بين الليل والنهار، فنهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار العشر الأخير من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان العشر ، أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، على طريقته رحمه الله في التفصيل، فهي أيام عظيمة لها فضلها.
وهذه الأيام هي مذكورة في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج:28] ، والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة عند الجمهور كذلك، وفي قوله سبحانه وتعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة:203] هي أيام التشريق، فهي ثلاثة عشرة يوما، من مغيب الشمس ليلة واحد، إلى مغيب الشمس يوم الثالث عشر، هذه أيام لها فضلها، وأيام عشر ذي الحجة فيها يوم النحر، وفيها يوم عرفة، وقبل ذلك يوم التروية، والأيام الفاضلة عهد في النصوص أن أواخرها أفضل من أوائلها، ولهذا عشر ذي الحجة أفضلها هو آخرها، عاشر يوم النحر، ويوم النحر هو يوم الحج الأكبر، قال عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله ابن قرط عند أبو داود بإسنادٍ صحيح: ((إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر ثم يوم القر)) (3) والأخبار في هذا كثيرة فيشرع للحاج وغير الحاج أن يعظمها بكثرة الذكر. والذي يشرع عند دخول هذه الأيام كثرة التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل، تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولا إله إلا الله، والله أكبر والله أكبر ولله الحمد، ويشرع الجهر بذلك، كان الصحابة يجهرون بالتكبير في هذه الأيام، مثل الجهر في ليلة عيد الفطر، فإنه يشرع الجهر حتى يدخل الإمام لصلاة العيد، كذلك هذه الأيام يشرع الجهر بالتكبير من مغرب الشمس ليلة واحد إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر، خلافاً لما يظن بعض الناس أن أيام التشريق ليس فيها إلا تكبير مقيد، لا نقول يجتمع في أيام التشريق تكبير مقيد وتكبير مطلق، مع أن التكبير المقيد فيه خلاف، لكن أخذه الجمهور وحكاه الإمام أحمد رحمه الله، كما ذكر في المغني محل اتفاق ونقله عن الصحابة.
والتكبير المقيد على هذا القول نوعان، النوع الأول في حق الأفاقيين من أهل مكة ومن غير الحجاج من أهل مكة، وهو يبدأ من فجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، يعني بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر في آخر أيام التشريق، فهذه فيها تكبير مقيد، وأما في حق الحجاج فهو من صلاة الظهر يوم النحر، بعد صلاة الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر التشريق، وهما يتفقان في الانتهاء ويختلفان في الابتداء، والمشروع هو كثرة الذكر والتكبير والتهليل في هذه الأيام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم (969) ،
(2) أخرجه أحمد (5446) وعبد بن حميد (807) والبيهقي في "الشعب" (3750) و الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2971) ،
(3) أخرجه أبو داود (1765) والنسائي في "الكبرى" (4083) وهو في "مسند أحمد" (19075)، وفي"صحيح ابن حبان" (2811).يوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر، وإنما سمي يوم القر، لأن الناس يقرون فيه بمنى.