يقول السائل : بعض الحجاج يهلون بالحج مفردين تجنبًا للهدي أو الصيام وبعد أيام التشريق يهلون بالعمرة.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
نعم هذا خلاف السنة وهذا وإن قاله بعض الفقهاء فغير مشروع ولم يعمله النبي عليه الصلاة ولا أصحابه، إنما ثبت عن عائشة وحدها رضي الله عنها وقصتها تقدم الإشارة إليها()، وسيأتي مزيد بيان بإذن الله ومن فعل هذا فهو جائز على أحد القولين ولا بأس به، وبعض العلماء نهى عن ذلك ومنهم من كرهها، والأولى للإنسان أن يلبي بالعمرة ويأخذ عمرة ويحج إما قارن أو متمتع فإن وجد الهدي فالحمد لله، إن لم يجد الهدي فعليه الصيام إن لم يستطع الصيام هل يسقط ؟ أو يبقى في ذمته؟ موضع خلاف بين أهل العلم فعلى هذا نقول السنة هو هذا، ثم إن العبد حينما يعمل بالسنة فإن المشقة الحاصلة عليه أخف وأيسر من المشقة الحاصلة عليه بخلافه، المشقة التي تحصل بموافقة السنة أخف وأيسر من المشقة الحاصلة في أمر لم تأت به السنة ومن يعمل بالسنة معان ميسرٌ أمره ، فادخل في هذا الأمر تنوي العمل بالسنة وإتباعها، وحينما يأتي الشخص إلى الأمر راغب في الخير فإنه معان ولو كان أمرًا عظيمًا ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حديثه الصحيح في البخاري (( تجدون خير الناس في هذا الشأن أكرههم له حتى يقع فيه)) (2) انظر تجدون خير الناس في الشأن ماهو هذا الشأن؟ الإمارة والولاية، الإمارة والولاية لها شأن ولها مئونة وإن كان من يتأمر فإنه يرفع منها نعمة المرضعة وبئست الفاطمة ويستفيد منها لكن من جاء إليها وهو يكرهها ولا يحب الولاية ولا يسأل الولاية لكن ابتلي بها فإنه يعان عليها قال: ((تجدون خير الناس في هذا الشأن أكرههم له)) هل إلى غير غاية لا إلى غاية حتى يقع فيه إذا وقع فيه أنزل الله عليه ملكًا يسدده كما عند الترمذي(3) وهذا الحديث إن كان لا يثبت لكن خبر الصحيحين واضح في الدلالة على هذا الأمر كذلك أيضًا في كل أمرٍ مما هو من هذا الجنس كهذه المسألة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «أَنَفِسْتِ؟» - يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ - قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي» قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ.
أخرجه البخاري (5548) ، ومسلم (1211).
(2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ، إِذَا فَقِهُوا ، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً ، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ»، أخرجه البخاري (3493) .
(3) عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ابْتَغَى القَضَاءَ وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ»: أخرجه الترمذي (815). وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.