ما حكم استلام الحجر الأسود للمحرم وهو مطيب؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
المحرم لا يجوز له أن يمس الطيب، وهذا ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر،(1) وكذلك حديث ابن عباس في الصحيحين «ولا تمسوه طيبًا»(2). كذلك حديث عائشة في الصحيحين «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف»(3). حديث عائشة دليلٌ على أنه في حال الإحرام لا يجوز التطيب، لأنها قيدت الطيب حال الإحرام، وامتد إلى ما بعد التحلل الأول، فالذي يحرم هو أن يمس المحرم الطيب، أو يتلطخ بالطيب في بدنه، وكذلك أيضا في ثيابه، لقوله في حديث ابن عمر «ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الورس ولا الزعفران»(4). وعلى هذا إذا كان المكان فيه طيب، فلا يضع يده عليه، مثل أنه يأتي عند العطار فلا يمس الطيب، لكن يجوز أن يشم الطيب الذي كالعود، وكذلك أيضا لا يمسح الحجر، إذا كان الطيب يعلق بيده، أما إذا كان مجرد رائحة من الحجر، ولو وضع يده فإنه لا يعلق بيده شيء، فهذا لا يضر والرائحة لا تضر المحرم حينما يجدها، ولا يلزمه أيضا أن يسد أنفه، لأن المنهي عنه هو التطيب، وقصد استنشاق الرائحة قصدًا، هذا فيه خلاف، لكن لو أن الرائحة وردت عليك، أن لم تقصدها، هذا لا إشكال فيه، حتى ولو دخلت إلى الأنف، لا يضر، أما قصد استنشاق الرائحة فهذا موضع خلاف، هل ينهى عنه؟ أو ينهى إذا تلذذ؟، أو يقال لا بأس، لأن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم هو النفس التطيب، أما استنشاق الرائحة فليس فيه شيء، على الراجح، أما مسح الحجر فإذا كان فيه طيب، فلا يمسحه، ويمكن إذا أراد أن يمسح يضع في يده مناديل واقية، ويمسح الحجر حتى لا يعلق بيده شيء، وبهذا يحصل له المسح، مع أن المسلم إذا كان من نيته أن يمسح أو كان من عادته، فامتنع من أجل ما علق من الطيب، فهو على أجره ولله الحمد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (1842) ومسلم (1177)، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال: ((يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو ورس)).
(2) أخرجه البخاري (1850) ومسلم (1206)، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: ((أن رجلاً وقصه بعيرُه ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيبا،. الحديث.
(3) أخرجه البخاري (1539) ومسلم (1189)، عن عائشة رضي الله عنها.
(4) حديث ابن عمر راجع الهامش (1).