يقول السائل : ما حكم ركعتي الطواف في الحج والعمرة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
ركعتا الطواف سُنة عند الجمهور، وذهب بعض العلماء إلى أنها واجبة، وإحدى الروايتين عن أحمد -رحمه الله-، وقال صاحب الفروع: إنها واجبة، بل قال بعض العلماء: ربما جعلها شرطًا للطواف لكن هذا قولٌ ضعيف وهي متأكدة وإذا قيل: بوجوبها فلا بد أن يصليها على كل حال.
والقول بوجوب ركعتي الطواف قولٌ قوي لكن ليس هناك دليل بيِّن؛ لأن ركعتي الطواف تابعة للطواف، والقاعدة: (أن التابع لا يأخذ أحكام المتبوع في كل شيء)؛ ولهذا الصلاة المفروضة لها توابع قبلها وبعدها، وتوابعها سُنة فإذا كان توابع الصلاة المفروضة وهي أكد تعتبر سنة، وسنة الصلاة في الراتبة داوم عليها النبي عليه الصلاة والسلام ليست واجبة فكذلك ركعتا الطواف.
ثم أيضًا النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح لما قال الرجل: "والله ما أزيد على هذا ولا أنقص، قال: «أفلح إن صدق»"(1)، في حديثٌ آخر «ليدخلن الجنةً إن صدق»(2)، ولم يذكر عليه الصلاة والسلام ركعتي الطواف فدل على أنهما ليست واجبتين إلا بإيجاب الشرع أو ينظرهما، وعلى المسلم أن يجتهد فيها دائمًا. ثم أيضًا مما يدل على عدم وجوبها: أنه لو قيل بوجوبها لقيل: يجب أن تصلى خلف المقام إذا أمكن، وصح عن أم سلمة أنها صلت خارج الحرم والنبي قد اطلع على حالها، وصلت لما خرجت،(3) وصح عن عمر رضي الله عنه أنه صلى ركعتي الطواف في (طوى)، (4)
وهذا ويبعد أن يكون عمر لا يتيسر أن يصلي عند خلف المقام ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة:125] فلو كانت واجبتين لوجبت أيضًا بذلك؛ لأن الأمر بهذا هو من أظهر الأدلة فدل على أن المقصود بها من أراد أن يصلي فليصليها هنا، وأن السنة أن يصلي في هذا المكان. نعم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11) (8)،
(2) أخرجه البخاري (6956).
(3) أخرجه البخاري (1626).
(4) أخرجه مالك في الموطأ (1297)، وفي مصنف عبد الرزاق (9008)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/650).