يقول السائل : ما حكم من لمس الركن اليماني، ومسح أستار الكعبة، وتقبيل الحجر الأسود في وجود ازدحام الكثير، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «صلي في حِجر الكعبة» هل يخص الصلاة في حِجر الكعبة لعائشة رضي الله عنها أم جميع المسلمين؟ وما هو الحكم في الدعاء عند الكعبة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
ما يتعلق بالركن اليماني هذا يمسح « إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا »(1) والنبي عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر كان يمسح الحجر في كل طوفة كما عند أبي داود(2)، والأخبار في تقبيله سبق الإشارة إليها.أما أستار الكعبة فهذا يعني التمسك بها هذا هو وضع الخلاف إن كان المقصود التمسك بها والمتمسح بها هذا غير مشروع أما التمسك بها كالمستجير هذا جوزَّه بعض أهل العلم خلاف التمسح بها.
مثل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في ابن خطل: «اقتلوه ولو وجدتموه متعلق بأستار الكعبة»(3) جاء للكعبة بطريقة العرب فذكره النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم ينكر أو يعقل بشيء يبين إنما؛ لأنه كان فعل معروف عندهم فأجراه على ما كانوا عليه بخلاف التمسح هذا لا أصل له ولا يشرع إنما التعلق به على جهة الاستجارة ويسأل الله، والموضع هذا موضع بحث موضع لا يحتاج إلى تحريم وبعض أهل العلم يرى أنه لا بأس به ومنهم من يقول: إنما لا يشرع إنما المشروع هو أن يلتزم، والنبي عليه الصلاة والسلام جاء ووضع صدره وبطنه(4).
كما ذكر من الحديث السابق بين الركن والباب هو وأصحابه عليه الصلاة والسلام قال: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلي في حجر الكعبة» هذا جاء في الحديث في سنده بعض الضعف، وأيضًا في متنه بعض الغرابة النبي عليه الصلاة والسلام قال لعائشة: «صلي في الحِجر» لما أرادت أن تصلي في البيت قال:«إنه من البيت، وإن قريشًا قصرت فيهم النفقة فصلي في الحِجر»(5).
لكن الحِجر الموجود ليس جميعه من البيت إنما بعضه.أما قوله: حجر إسماعيل هذا لا أصل له اشتهر عند الناس لحِجر إسماعيل، ولم يعرف أنه قُبر هنا فلا أصل لمثل هذا ؛ لأنه قال: الحِجر إما يقال الحجر.أما الدعاء عند باب الكعبة تقدم في باب التزام عن الصحابة رضي الله عنهم والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه الترمذي (980) من طريق جرير بن عبد الحميد، والنسائي 5/ 221 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر. ورواية النسائي: عن عبد الله بن عُبيد أن رجلًا قال: يا أبا عبد الرحمن (يعني لابن عمر) فذكره. قلنا: الرجل السائل المبهم في رواية النسائي هو أبوه: عبيد بن عمير المذكور في رواية الترمذي، وجاء ذلك صريحًا في رواية هثيم عند أحمد (4462). ورواية النسائي سندها جيد، لأن حماد بن زيد ممن روى عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه، لا سيما وقد تابعه أيضًا الثوري عند أحمد (56211) وهو ممن روى عن عطاء قبل اختلاطه أيضًا.
(2) أخرجه أبو داود (1876) والنسائي (2947)، وأحمد (4686).
(3) أخرجه البخاري (1846) ومسلم (1357)،
(4) من الأحاديث الواردة في الملتزم:
أ. حديث عبد الرحمن بن أبي صفوان :
عن عبد الرحمن بن صفوان قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت : لألبسن ثيابي ، وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم .أخرجه أبو داود (1898) وأحمد (15124) والبيهقي (5/92). وفيه : يزيد بن أبي زياد ، ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم .انظر "الجرح والتعديل" (9/265(.
ب. حديث عبد الله بن عمرو :
عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى استلم الحجر ، وأقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .أخرجه أبو داود (1899) وابن ماجه (2962) والبيهقي (5/93( . وفيه: المثنى بن الصباح، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين الترمذي والنسائي وغيرهم. انظر "تهذيب الكمال" (27/203). قلت : والحديثان يشهد كلٌّ منهما للآخر.وقد صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2138 ).
ج .وعن أسامة بن زيد:
أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فأمر بلالا فأجاف الباب والبيت إذ ذاك على ستة أعمدة فمضى حتى أتى الاسطوانتين اللتين تليان الباب باب الكعبة والحاصل فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة فوضع وجهه وجسده على الكعبة فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم انصرف حتى أتى كل ركن من أركان البيت فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله عز وجل والاستغفار والمسألة ثم خرج فصلى ركعتين خارجا من البيت مستقبل وجه الكعبة ثم انصرف فقال هذه القبلة هذه القبلة .
أخرجه أحمد ( 36 / 147 ) ، والنسائي ( 2915 ) وصححه ابن خزيمة ( 3004 ) .
(5) حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود (1876) والترمذي (891) , والنسائي في "الكبرى" (3881) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه بنحوه البخاري (1583) ومسلم (1333) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.