لماذا ندور حول الكعبة على اليسار عكس عقارب الساعة ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذا من فضول العلم، وهذا العلم دائماً حينما نسأل عن مثل هذا الشيء يصرفونه إلى ما هو أنفع، ولهذا لما قال: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ )[1]، جاء في سبب نزولها أنهم قالوا: لماذا يبدو الهلال دقيقاً، ثم يكون هلالاً ثم كاد يكون بدراً؟ فقال سبحانه: (قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ) فأخبر عن منفعتها وما يكون منها وما يحصل منها من معرفة الشهور والمواقيت في العبادات والآجال والعقود للناس، هذا هو المقصود أن الذي يكون عنه السؤال ويكون عنه الفائدة، ولهذا كان الصحابة لا يسألون النَّبيّ عليه الصلاة والسلام إلا ما يكون فيه منفعة وفائدة، ومع ذلك أهل العلم - رحمة الله عليهم - تكلموا في مثل هذا وذكروا شيء من هذا[2]، وقد قرأت كلاماً لشيخ الإسلام - رحمه الله - يقول: أن الحركة الدورية تعتمد اليسار إلى اليمين، وهذا واقع في الحقيقة أن الحركة الدورية عندما يدور الإنسان على مضمار أو مكان فإنه لا يكون ثابتاً، ولا يكون مطمئناً، ولا يحصل راحة البدن إلا إذا كان دورانه على جهة يساره فيكون دائراً مطمئناً. وهكذا أيضاً يجري في التدريب والمضمار يكون الدوران على جهة اليسار ويعتمد على جهة اليسار، وقالوا: أن القلب أيضاً جهة اليسار وقالوا إن الكعبة كذلك أيضاً. وزادوا في الكعبة أيضاً إن نوعاً من ذلك أنك حينما تطوف على اليسار تجعل البيت عن يسارك ثم تأتي بعد ذلك وتمر بالباب، أما لو طفت على يمينك فإنك تجعل الباب خلف ظهرك أما إذا جعلت اليسار فإنك تستقبل الباب وإذا جعلته عن يمينك فإنك تجعله خلف ظهرك ثم لا تصله إلا في نهاية الشوط أما في اليسار فإنك تجعله عن يسارك وتواجهه وتبدأ به مباشرة .
ومن أهل العلم من قال أيضاً إن الكون كله ومجموعته الشمسية، والمجرات، والذرات كلها بنظر أهل العلم والاختصاص فإن حركتها هذه الحركة. وقالوا: إن الطواف على الكعبة يجري موافقاً متسقاً مع هذا الكون في مجراته والمجموعة الشمسية. هذه أمور الله أعلم بها والله أعلم بصحتها ونحن لسنا مكلفون ولا متعبدون بهذا، لكن هي أنواع من الحكم تلتمس فإذا صحت فهي خير على خير، وإن لم تصح فالمسلم يستسلم لحكم الله سبحانه وتعالى ويقول: سمعنا وأطعنا، وهذه قاعدة في الأمور التي لا يظهر تفصيلها وإن ظهر تأصيلها وهذا هو الواقع؛ لأن أوامر الشَّريع يظهر أحياناً التفصيل والتأصيل في الحكمة وهذا هو الغالب وأحياناً يظهر التأصيل دون التفصيل وهذا يقع في أمور يسيرة، في أمور الحج، ولهذا إذا لم يظهر التفصيل نسلم بأن لله حكمة سبحانه وتعالى في كل شيء، فإن ظهرت الحكمة فنور على نور، وإن لم تظهر قلنا: سمعنا وأطعنا. ولا يكن الإنسان عبد عقله فلا يتعبد إلا حينما تظهر الحكمة الخاصة في كل شيء.