• تاريخ النشر : 30/07/2016
  • 190
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

يقول السائل : كيف كان طواف النساء وسعيهن في الحج والعمرة مع النبى صلى الله عليه وسلم ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; ختلاط النساء بالرجال الأصل أنه محرم، والنبي قال: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ" (1) متفق عليه، فلا يجوز اختلاط الرجال بالنساء، ولا النساء بالرجال، لا في الطواف، ولا في غيره، لا يجوز إذا كان في أماكن العبادة، والصلاة لا يجوز، والنساء كن في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، يصلين في آخر المسجد، بل قال : " يا معشر النساء لا ترفعن رؤوسكن،حتى يرفع الرجال رؤوسهم"(2) صحيح مسلم، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا صلى مكث حتى يخرج النساء، يعني كان يمكث، وأصحابه مع أن النساء مستترات، محتشمات رضي الله عنهن، لا يعرفن كأنهن الغربان ، ولا يرين، يعني في الفجر، فإذا كان هذا تحشمهن، وإستتارهن في الليل، فكيف بالنهار وهن يرين ؟ أشد وأشد، هذا واضح بلا إشكال، ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام، يمكث، وأصحابه يمكثون حتى يخرج النساء، ووضع لهن باباً، وجعل هذا الباب للنساء باباً خاصاً، وعند أبي داوود "استأخرن،فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق،عليكن بحافات الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به"(4). رواه أبوداود، وحسنه الألباني. وإن كان ضعيفاً، وقال عليه الصلاة والسلام"خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"(5) صحيح مسلم، هذا إذا كان النساء في مؤخرة المسجد، ولم يكن هناك ساتر، أما إذا كان هناك ساتر لا يرين الرجال، فخير صفوف النساء أولها، فكلها يدل على الصيانة والحماية في اختلاط النساء بالرجال، وكان النساء يطفن حَجِره (6)، كما قالت عائشة: في مكان منفصل، وقال عليه الصلاة والسلام لأم سلمة : لما تأخر طوافها، وهي على بعيرها، وكانت شاكيه" طوفي وراء الناس وأنتي راكبة"(7)صحيح البخاري، أمرها أن لا تصلي معه صلاة الفجر في الحرم، وأن تصلي والنبي يقرأ، وأن تطوف على بعيره، كل ذلك وهي أم المؤمنين رضي الله عنها، حتى لا تخالط الرجال، طوفي من وراء الناس يكفينا هذا قول النبي، إن كان هذا في العباده في الحرم، فكيف في غيره ؟ والمرأة أصلاً منهية عن الخروج قال سبحانه وتعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (33﴾(8) يعني الواجب أن تمكث في بيتها، حتى في غير الصلاة، المرأه في الأصل بقائها في بيتها، لا تخرج هذا هو الأصل، إلا لحاجه، ولذلك قال :"أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن"(9) رواه مسلم، واستأذنت خالة جابر رضي الله عنها لما كانت معتدة من زوجها قال  : "اخرجي وانفعي نفسك، وتصدقي(10)" أمرها أن تخرج لتتصدق، تخرج لحاجتها، لعمل، لا بأس، أما خروجها إلى مجامع الرجال، هذا لا يشك في تحريمه، ولا يجوز، والأدلة واضحة في الأصل القرار، والأصل البقاء، وعدم الخروج، وعمر رضي الله عنه، كان يريد أن لا يؤذن لهن، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : قد أذن لكن، ولما خرجت سوده، وكانت إمرأه تفرع الرجال، مستتره، قال عمر : قد عرفناك يا سوده (11)، يعني وإن كنت مستترة فقد عرفناك، يريد أن يمنعن من الخروج، والنبي نزل عليه الوحي، وهو يتعرق العرقه، وقال : قد أذن لكن أن تخرجن، يعني لحوائجكن، فهذا هو الأصل من جهة الدليل في المرأه، وعدم خروجها إلا لحاجه، فكيف إذا خرجت، والمرأه حينما تخرج بزينتها هذا حرام، بإتفاق أهل العلم، لا يجوز أن تخرج متطيبة، أو متزينة، لا أحد من أهل العلم جادل في تحريم ذلك، حتى الذين يجوزون كشف الوجه، يمنعون من ذلك، أن ما جوزوه حينما تخرج غير متطيبة، غير متجملة، أما تخرج متجملة،متطيبة، ثم ينسبون زوراً، وبهتاناً إلى الشافعي، وما إلى ذلك، كذب هذا، ولا يجوز أن ننسب هذا إلى الإمام الشافعي، هذا كذب، ومخالف لإجماع المسلمين، ولهذا البلقيني رحمه الله في فتاويه، وهو في القرن الثامن، سنة ثمانمئة وست، أو ثمانمئة وخمس من الهجرة، أنكر هذا إنكاراً شديداً في مسألة أخف، والشافعي رحمه الله قال : أن هذا حرام بالإجماع حينما سئل عن مسأله تتعلق بمثل هذا، وهو مسألة مخالفة بعض النساء في تزينها، وأن هذا أمر لا يجوز، ليس البلقيني وحده، كل أهل العلم يتفقون على هذا، هذا أمر منكر، ولا يجوز، وهذا نسبة أن فلان جوز كشف الوجه، من قال هذا ؟! هذا بضوابط بشروط، والكذب على الأئمة اليوم، يكثر حينما ينسب إليهم مثل هذا، بعضهم من ينسبه كذب صراحه، ومنهم من يتأول، ربما يكون لم يطلع على الضوابط، مثلاً خروج امرأة متزينة، متجملة، متطيبة، وأن هذا يجوز، لأن فلان جوز كشف الوجه، هذا كذب، ولا يجوز، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"(11). أي صلاة العشاء، والبخور في الغالب لا يبقى رائحته، وإن بقيت، فرائحته لمن يقرب، ويشم، وهو معتاد في الغالب على البخور، يعني يطير، فإذا كان البخور نهى النبي عن المرأة أن تخرج لماذا ؟ للصلاة، ولم يعلم أحد من نساء الصحابة يكشفن وجوههن أبداً، كان ستر الوجه هو المعروف، ولا يعرف التبرج أبداً لا يعرف هذا بل، وهن في الحج محرمات، وكشف الوجه متأكد كن مستترات فكيف في غير الحج ؟ تقول عائشة رضي الله عنها "كنا مع رسول الله كنا إذا مر بنا الركبان – في الحج- سدلت إحدانا الجلباب على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"(12)، مالك في الموطأ، إمرأة عروة بن الزبير، روته عن أسماء، كن مع أبي بكر، وذكرت مثل هذا أيضاً، فكيف إن كان هذا في الحج وهن في طريق، يمشين على الإبل، والرجال في طريق آخر موازي، فإذا مروا بنا بعيدون عنهم، ولا يلتفتون إليهم، وفي الحج، وسفر، ثم تقول :إذا حاذونا أسدلنا، جلبابنا على وجهنا. وقال عليه الصلاة والسلام :" لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين"(13) البخاري وغيره. يعني كن يلبسن مايسترن به وجوههن، هذا هو هدي الصحابيات، رضي الله عنهن، وهدي نساء الصحابة، كما هو معروف، ولقد عرفناك ياسوده، يعني وإن تسترتي، فإنا قد عرفناك، وكذلك تسترهن للصلاة، وأدلة الحجاب كثيرة، وأحاديث صحيحة "وكان يعرفني قبل نزول الحجاب فخمرت وجهي"(14) رواه البخاري. والأدله واضحة في القرآن أيضاً.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (5096)، ومسلم (2740). (2) أخرجه البخاري (362)، ومسلم (918). (3) أخرجه أبو داود رقم (4101).
(4) أخرجه أبو داود رقم (5250). والطبراني في الكبير (19/ 261)، والبيهقي في الشعب (6/ 174)، كلهم من طريق شداد بن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه، عن أبي أسيد الأنصاري مرفوعًا. وشداد بن أبي عمرو قال في التقريب (ص 264): مجهول.وخالفه الحارث بن الحكم فرواه عن أبي عمرو بن حماس مرفوعًا مرسلًا.أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 45)، والبيهقي في الشعب (6/ 173).والحارث بن الحكم ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 73) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا ولم يرو عنه غير ابن أبي ذئب، فهو مجهول. (5) أخرجه مسلم (440)، وأبو داود (678)، والترمذي (222). (6) كَانَتْ عَائِشَةُ تَطُوفُ حَجْزَةً مِنَ الرِّجَالِ لا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتِ: انْطَلِقِي عَنْكِ، وَأَبَتْ وكن يَخْرُجْنَ مُنَكراتٍ بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ،أخرجه البخاري(1618). (7) أخرجه البخاري (467)، مسلم (1277)،
(8) الأحزاب 33 . (9) أخرجه البخاري (4517)،  مسلم (2170)، (10) أخرجه مسلم (1483)، (11) أخرجه البخاري (146)، 
(11)  أخرجه مسلم (143) (444)،
(12) أخرجه أبو داود رقم (1833). وأحمد في المسند (23501).   (13) أخرجه البخاري (1741)،  (14) أخرجه البخاري (4473)، 


التعليقات