• تاريخ النشر : 08/01/2017
  • 302
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1436
السؤال :

يقول السائل : هل يجوز إهداء ثواب طواف النافلة لشخص؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذه المسألة فيها خلاف إهداء الثواب، منهم من حكى عنه الجمهور أنه لا يشرع ومنهم من حكى عنه الجمهور أنه يشرع وهم نقلوا عن مالك والشافعي -رحمهم الله- أنه لا يشرع وعن أحمد وأبي حنيفة أنه يشرع، ومنهم من قال مذهب مالك -رحمه الله- أنه موافق لمذهب أحمد وأبي حنيفة فالمسالة فيها اختلاف في النقل ومن أهل العلم من قال أنه لا يشرع التثويب بالقرآن ونحوه من الأعمال، وأن هذا الباب مبني على النقل والدليل أجمع العلماء على أن الصدقة والدعاء تنفع، دعاءك لغيرك، صدقة عن غيرك وكذلك جاء الحج والصوم الحج والصوم هذا ثبت أيضا،" من مات وعليه صيام صام عنه وليه"(1) عن النبي -صل الله عليه وسلم- "أنَّ امرأةً جاءت إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومٌ مِن نَذْرٍ فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أكُنْتِ قاضيةً عن أمِّكِ دَينًا لو كان عليها ؟ ) قالت: نَعم قال: ( فصومي عن أمِّكِ) (2) وأما الصدقة ونحو ذلك هذا محل اتفاق ومنه ما في الصحيحين أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ أمي افتُلِتت نفسُها وإني أظنها لو تكلمتْ تصدقتْ فلي أجرٌ أن أتصدقُ عنها؟ قال نعم. (3) وأجمع العلماء على ذلك ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10] دعاء المسلم لأخيه هذا من أعظم أسباب الخير قال -صل الله عليه وسلم- "دعوةُ الأخِ لأخيه في الغيبِ مُستجابةٌ".(4) أما قراءة القرآن والطواف وتثويبه لأخيك هذا وقع بخلاف من جمعه من منعه ؛ لأنه لم يرد فيه دليل وقالوا أنالأصل في هذا الباب التوقيف ؛ لأن باب العبادات الأصل فيه المنع قال -صل الله عليه وسلم- " من عملَ عملا ليسَ عليهِ أمرُنا فهو ردّ"(5) وفي رواية: "من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد"(6) والنبي -صل الله عليه وسلم-قال:"إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ ، وعلمٍ ينتفعُ به ، وولدٍ صالحٍ يدعو له"(7). قالوا استئناف النفي إثبات وهذا يدل على الحصر في هذه الأشياء والذي جوزوا قالوا لا دلالة فيه على المنع ؛ لأن النبي -صل الله عليه وسلم- إنما ذكر انقطاع عمله الذي من قبله هو ولم يبقي منه إلا ما تسبب فيه فانقطع عمله؛ لأن الانسان إذا مات طويت صحيفته ، لم يبق منه إلا ما تسبب فيه إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له آما عمل غيره فهو ينفعه والولد الصالح هذا من عمله والنبي خص الولد؛ لأن الولد من عمله وهو سبب وجوده فالولد إذا عمل فسبب وجوده والده فلهذا ذكر النبي الولد دون غيره من القرابات الوالد والإخوة والأعمام وليس فيه أن إخوته أو أعمامه أو سائر المسلمين انهم لو عملوا أعمالًا وجعلوها له أنه لا يثاب عليها إنما الحديث في عمله هو وما الذي انقطع ولم يبق منه إلا ما تسبب أما عمل غيره فليس له وسكت النبي عنه -صل الله عليه وسلم- بانه لا ينفعه عمل غيره لا يمكن أن ينفعه إلا أن يجعله له فعمل غيره لغيره فغيره إذا عمل هذا العمل وجعله له من طواف أو قراءة قرآن ونحو ذلك وثوبه له فهو ينفعه وبعض أهل العلم توسط في هذا وقال يجعله له على سبيل الدعاء لا يجعله له مباشرة لكن يجعله له على سبيل الدعاء مثل يقول اللهم اجعل ثواب هذا العمل له فيدخل في عموم الأدلة في الدعاء فالمسألة محتملة والله أعلم ومن منع قال أيضًا أنه لم ينقل عن السلف ولم ينقل عن النبي -صل الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه ولو كان منقولًا معروفًا لظهر وكثر والذين قالوا يشرع قالوا لا يلزم؛ لأن هذا عمل يكون بين العبد وبين ربه السر يشرع أن يسر العبد بهذا العمل ولهذا دعوة المسلم بظهر الغيب مستجابة المعني أن هذا عمل سر والسلف كانوا أحرص الناس على إسرار أعمالهم من قال لكم أنهم لا يثابون لا ولا يلزم من التثويب أن يتلفظ به الإنسان لا يلزم أن يقول جعلت ثوابه لفلان فقد يعمل العمل ويثوبه لغيره من صلاة أو قراءة قرآن أو طواف فينوي تثويبه بالنية إلى قوم وكان القوم أحرص الناس على إسرار أعمالهم ولذا لا يلزم من عمل نقله ألا يكون موجودًا والمسألة محتملة وإذا كان هنالك أمور وأعمال متفق عليها وأجمع المسلمون عليها بكون الإنسان يحافظ على العمل الذي أجمع العلماء عليه ودلل النص عليه وهو يلحق بأعمال كثيرة فهو أولى وأحفظ من كونك تعمل عملًا موضع خلاف فتشغل نفسك بالدعاء لإخوانك وما تيسر من أعمال الخير أو الصدقة والدعاء هو العبادة الدعاء هو العبادة فهذا هو الأحوط والأورع نعم.

  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه مسلم رقم (1147) ، (2)أخرجه مسلم رقم (1148) ، (3) البخاري (1388) و (2760) ، ومسلم (1004) ، من حديث عائشة. (4) أخرجه مسلم (2732) (86). (5) أخرجه مسلم (1718) (18). (6) أخرجه البخاري (2697) و مسلم (1718)(17). (7) أخرجه مسلم (2682) ،


التعليقات