يقول السائل : ما هي العلة من الاضطباع؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
مثل ما تقدم معنا، العلة من الاضطباع هي العلة من الضمان، كما في الصحيحين من حديث ابن عباس ، أنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالرمل ليري المشركين قوتهم، حينما أمرهم بالرمل،(1) وقال عمر رضي الله عنه للحجر الأسود كما في البخاري ((أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلمك ما استلمتك فاستلمه، ثم قال: ما لنا وللرمل إنما كنا راءَينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلا نحب أن نتركه.)) (2) وعند أبي داود بإسناد صحيح لم الرمل، وكشف المناكب، وقد أبقى الله الإسلام أو أظهر الله الإسلام وأهله، يعني أن الإسلام ظهر وانتشر ثم قال شيئا فعلناه مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يحق أن نتركه،(3) وهذا به فوائد، المعنى أنه كان في ذلك الوقت،ـ سببه إظهار القوة والجلد والهيبة، التي وقعت في قلوب المشركين، في ظهور الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك، بعد زوال العلة التي هي لأجل إيقاع الهيبة في قلوب المشركين في حجة الوداع، فعل ذلك، بل ورمل من الشوط الأول حتى الثالث لماذا؟ لأجل أن يظهر المنة، ويعترف بها، شكرا لله عز وجل واعترافا بنعمته، وإظهارها، يكون سبب بالتمسك بالدين، والاعتزاز به، ثم بعد ذلك المسلم بعده صنعوا ذلك لأجل هذه العلة، لأنه وإن بات علة تتعلق بالمشركين، فإن هناك علل أخرى تتعلق بنقمها للنعمة، وظهور الدين، ظهوره على الدين كله، ولو كره المشركون، تدعو المسلم إلى التمسك بهديه عليه الصلاة والسلام والنظر في سنته، وعزة المسلم على الكفار، فهذه معاني باقية، وحينما يرمل الحاج والمعتمر ويكشف عن عضديه ويكشف عن كتفه الأيمن، يتذكر حال النبي عليه الصلاة والسلام، وحال الصحابة وما وقع له في هجرته، ثم بعد ذلك بظهوره عليه الصلاة والسلام يتذكر هذه النعمة، ويستمر عليها، ويتمسك بالسنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم (1602)، ومسلم (1264).
(2) أخرجه البخاري (1605).
(3) أخرجه أبو داود (1887).