مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : ما حكم الإحرام من التنعيم ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; الله أعلم الإحرام التنعيم سبق الكلام عليه، ومسألة أنها من البدعة الله أعلم جمهور العلماء يقولون لا بأس به، وإن ممن يقول به أيضًا: لا بأس به، الشيخ ابن باز -رحمه الله- والمسألة فيها خلاف منهم من منعه ومنهم من جوزه أو قال: لا بأس به واحتج بحديث عائشة رضي الله عنها(1) فلا ينكر ولا ينبغي التشديد في مثل هذا، أنا أقول المسائل هذه لا ينبغي التشديد فيها ولا الإنكار ولا المبالغة فيها. العلماء اختلفوا ومع ذلك يلتقون ولا ينكر بعضهم على بعض ولا يعادي بعضهم بعضًا أبدًا يعني يحصل هذا ممن يتبع أهل العلم، أما أهل العلم -رحمة الله عليهم- فلا يحصل بينهما هذا بل إنهم يختلفون في مسائل الكبار، ويلتقون، ويجتمعون، ويتباحثون مع مودة ومحبة هذا هو العلم أما حينما يُسبب المنازعة هذا ليس من العلم وليس من الدين هذا كما قال الشاطبي: "حينما ترى مثل هذا فاعلم أنه ليس من الدين" أرث النزاع والخلاف إنما أنت إذا كنت على هذا القول تقلل أو تعمل به ورأيت غيرك ممن إن كان يسألك بيِّن له ما تراه إن كنت من أهل العلم أو تقول: لفتوى بعض أهل العلم إن كان هو يعمل واستفتى وسأل غيره فلا تنكر عليه هذا مصير بعض الناس يعلم قول بعض العلماء ويجهل أشياء، حضر شيئًا وغابت عنه أشياء فيريد أن يلزم الناس بقوله إنما إذا كان القول باطل صحيح، القول الباطل هذا هو الذي ننكره ، أما الأقوال المحتملة هذه لا، ثم إنكار القول الباطل أيضًا ليس على كل حال عليك أن تتأنى ربما يكون القول باطل وأنت لا تستطيع إنكاره، وهذا له أصل وقاعدة ولعلي سبق أن ذكرت قول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عوف بن مالك أنا ذكرت الشأن في المسألة هذه وهو دليلٌ ظاهر والله أعلم حينما أنكر عوف مالك على خالد بن الوليد لما أخذ خالد بن الوليد السلب من ذلك المجاهد الذي قتل رجلًا كبيرًا من الفرس، وكان سلبه عظيمًا فأنكر عليه عوف بن مالك رضي الله عنه أنكر عليه ذلك عوف بن مالك، فعوف بن مالك قال: «لأُبلغن النبي عليه الصلاة والسلام» الحديث، فالنبي عليه الصلاة والسلام أقر خالد بن الوليد مع أنه هو  أرسله، ومع أنه فعله مخالف للنص وقال: إن استكثرت أي اجتهد. فأقول: ينبغي التأني في مثل هذه المسائل، وعدم المبالغة في الإنكار بل تبين الحق بقدر ما ظهر لك وتجتهد.  

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى، فَلاَ يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» قَالَتْ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ .أخرجه البخاري (319) ومسلم (1211) .
(1)عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟» قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «ادْفَعْهُ إِلَيْهِ»، فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: «لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلًا، أَوْ غَنَمًا، فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ»،  أخرجه  مسلم في الجهاد والسير (3297) ، وأبو داود في الجهاد (2344) ، وأحمد (22862). 


التعليقات