مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول السائل : ما هو فضل الطواف لغير المعتمر؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; الطواف مشروع بإجماع أهل العلم وأجمع على ذلك المسلمون قال عزَّ وجلّ:﴿طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة:125]، وكذلك في الآية الأخرى: ﴿لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج:26] فأمر بتطهيره للطائفين، فالطواف سنة ومشروع بإجماع المسلمين، وهو من السنن العملية الإجماع العملي المأخوذ من هديه عليه الصلاة والسلام، وكان الصحابة رضي الله عنهم في المدينة يذهبون إلى مكة قبل فتح مكة يذهبون لأجل العمرة وأجل الطواف، وكان الطواف بالبيت معروف وأبو ذر وغيره من الصحابة جاءوا كي يطوفون بالبيت، الصحابة رضي الله عنهم كانوا يطوفون بالبيت. فالطواف كان من الأمر المعروف الظاهر في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبعد هديه فهذا مما أجمع عليه المسلمون ، وجاءت أدلة في هذا الباب عنه عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر عند الترمذي والنسائي أنه قال عليه الصلاة والسلام:«مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَة، ومَاَ رَفعَ رِجلًا ولَا وضَعَ أُخْرَى إِلا كَتَبَ الله لَهُ بِهِ حَسَنَة وحَطَّ عَنْهُ بِهِ خَطِيئَة» حديثٌ جيد له عند الترمذي طريق(1)، وجاء أيضًا عند النسائي رحمه الله فهو من طريقين لا بأس به بدلال على فضل الطواف، وجاء أيضًا حديث ابن عباس حديثٌ صحيح عند الترمذي والنسائي أيضًا أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «فيِ الحَجَرِ الأسْود وَالرُّكْنِ اليَمَانِيِّ إِنَّ مَسْحَهُمَا يَحُطُّ الخَطَايَا حَطًّا»(2)، وجاء في رواية أخرى أيضًا عند الترمذي وغيره قال -عليه الصلاة والسلام-: «لَيَأْتِيَنَّ هَذَا الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍ»(3) هذه كلها أخبار تدل على فضل الطواف عمومًا، وفضل مسح الحجر الأسود، وكذلك الركن اليماني، وكذلك أيضًا ما جاء من السنة في تقبيل الحجر، وجاء السجود عليه في رواية موضع نظر في ثبوتها(4) لكن هذه الفضائل يُحصِّلها المسلم ويجتهد لتحصيلها باطمئنان لا بالشدة والمزاحمة والمضاربة هذا من الأمر الذي لا يحصل بل لا يجوز. لا بأس للإنسان أن يجتهد في القرب من الحجر الأسود يجتهد بغير مزاحمة لا بأس يتخلل بين الناس إذا لم يكن يزاحم النساء، إذا لم يكن يضر القوم من الرجال والنساء لا بأس لكن لا يشدد، ومن شؤم بعض التعصبات أحيانًا من شؤم بعض التعصبات في بعض الأقوال إنه: ربما بعض من ينتسب إلى العلم ممن يتعصب لقول قد يقع فيه ضرر.يقول ابن جماعة رحمه الله في كتابه الكبير في منسكه كلام معناه بعض العلماء يروى وجه الشافعية: أنك إذا أردت أن تبدأ الطواف حينما تبدأ تجعل الحجر طرف الحجر الأيسر الذي يقابلك إلى جهة اليمين تجعله عن يمينك، وهو إلى جهة اليسار لا تقابله ثم تنحرف هكذا حتى يمر بصدرك ثم كتفك ثم صدرك ثم تُحاذي الكتف الأيسر، قال: لابد أن تبدأ تحاذيه بصدرك تمامًا ثم تمشي وتدور حتى يحاذي لكتفك الأيسر ثم تنحرف، وتبادر وتجعله عن يساره مباشرة. يقول ابن الجماعة: كنت عند الحجر لمسحه أو تقبيله، وكان خلفي رجل وكأنه من هؤلاء القوم الذين ربما تعصبوا وتشددوا لأقوالٍ لا دليل عليها أو قال: كان أمامي نعم يقول كان أمامه فعمل هذه الحركة يده ثم انحرف بشدة فوطأ رجلي شديدًا حتى تألمت منه فعلمت ضعف هذا القول أو بطلان هذا القول. فأقول: إن الواجب هو الرفق والطمأنينة يا إخواني، والاجتهاد في الطواف لكن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث يروى: «إن وجدت مكانًا أو خللًا فقبل وإلا فانصرف»(5) يقول النبي –عليه الصلاة والسلام- فيما يروى أنه قاله لعمر رضي الله عنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرج الترمذي (959) وأحمد (27837) والطبراني في "الكبير" (13444) عَنْ عبد الله بْن عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا ( أي سبعة أشواط ) فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ ، لا يَضَعُ قَدَمًا وَلا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي . (2) أخرجه الترمذي(959)والنسائي(2919) وأحمد (4462). (3)أخرجه الترمذي (961) ، وابن ماجه (2944) وأحمد(2215) وابن خزيمة (2735) ، وابن حبان (3712).
(4)قال الدارمي (1907) : أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ، ثُمَّ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَفْعَلُهُ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ فَعَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ هَذَا» وإسناده صحيح . وأخرجه ابن خزيمة(2714) والحاكم(1672) والبيهقي في السنن الكبرى (9223). وفي المقصد العلى في زوائد أبي يعلى(577) وقال الحاكم هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . (5)عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرًا كَانَ عَلَى مَكَّةَ , مِنْ طَرَفِ الْحَجَّاجِ عَنْهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ يَقُولُ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلًا قَوِيًّا , وَكَانَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا حَفْصٍ أَنْتَ رَجُلٌ قَوِيٌّ وَإِنَّكَ تُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ , فَتُؤْذِي الضَّعِيفَ , فَإِذَا رَأَيْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ , وَإِلَّا فَكَبِّرْ وَامْضِ» وأخرجه الطحاوي في معاني الأثار(3826) وفي المقصد العلى في زوائد أبي يعلى(580) والبيهقي في السنن والأثار (9868). وابن كثير في مسند الفاروق (335).


التعليقات