يقول السائل : ما حكم لبس الكمامة على الفم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الكمامات التي توضع على الوجه، هل هي كالمصنوع للوجه فتأخذ حكم الساتر له، أو لا تأخذه؟ هذا يجري على خلاف وهو هل تغطية المحرم لوجهه تجوز أو لا تجوز؟. فإذا قيل أنه يجوز للمحرم أن يغطي وجهه، كما هو المشهور عند مذهب أحمد والشافعي، في هذه الحالة لا بأس بذلك. لأنه قال لا فرق بين أن يكون يُغطي وجهه بما صنع له أو بغير ما صنع له، لأنه في دائرة الإباحة. فإن قيل أنه لا يجوز للمحرم أن يُغطي وجهه، فمن باب أولى أن لا يغطيه بما صنع له، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك تقدم الإشارة إلى هذه المسالة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: "ولا تُخمروا وجهه، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبيًا"(1)، وأن هذه الزيادة الصواب أنها ثابتة، وهذا جاء في مسلم في أكثر من طريق خلافًا لمن أعلها أو قال إنها شاذة. ثم أيضًا المرأة نُهيت أن تخمر أن تغطي وجهها بما صنع له، فالرجل كذلك من باب أولى، أن يُنهي عن ذلك.فعلى هذا هذه الكمامة، إن كانت للمرأة فلا إشكال في أنها لا يجوز، لا يجوز لأنها منهية أن تضع على وجهها ما صنع له، من برقع أو نقاب، فالمرأة لا تنتقب ولا تلبس القفاز، إنما تغطي وجهها بالخمار لا بأس، ولو كانت محرمة تغطي وجهها، أما أن تغطي وجهها بما صنع، فما صنع لبعض الوجه مثل ما صنع لجميع الوجه، مثل تغطية الوجه، مثل تغطية الرأس، إذا تغطية الرأس، فإنه لو غطى رأسه جميعًا أو غطى بعض رأسه، فالحكم واحد.كذلك أيضًا ما صنع لبعض الوجه، مثل ما صنع لجميع الوجه لأنه مصنوع على قدر خاص.والأظهر والله أعلم أن الرجل يُنهي عن ذلك، يمكن في صورة محتمل أنه يؤذن فيها، هذه موضع اجتهاد، وأنا لم أطلع على كلام فيها، وهو ما إذا كان الحاجة إلى هذه الكمامات، حاجة عامة؛ مثل لو انتشر وباء، أو مرض عام، وأُمر الناس، أُمر الحجاج عمومًا أن يستعملوا الكمامات، فيمكن والله أعلم أن يقال فيما إذا كانت الحاجة عامة، لا فدية أنه لا فدية، للحاجة العامة، والقاعدة الشرعية أن الحاجات العامة، تسقط فيها الكفارة، ولهذا يقول: عليه الصلاة والسلام، "من لم يجد النعلين فليلبس الخفين"(2)، ولم يأمر بقطعهما مع أن الخفين لا يجوز للمحرم أن يلبسهما، وكذلك قال: "من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل"، والحاجة إلى ستر العورة ضرورة ولابد منها، فإذا كانت الحاجة عامة ففي هذه الحالة يؤذن، ويقال لا بأس بذلك ولا فدية، مثل ما يلبس الإنسان السراويل وهو محرم، وكذلك يلبس الكنادر، أو الخفاف التي تغطي الكعبين؛ إذا كان لا يجد نعلين، أو يجد نعلين ولا يجد ثمنهما.ومثل إنسان لو كان في الطائرة، وهو قريب من الميقات، ونسي إحرامه مشحون مثلًا بالطائرة، أو ليس معه ثمنه، فاحتاج أن يلبس سراويل، فلا بأس أن يُحرم بسراويله، ولا فدية عليه.
فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر بفدية لعموم الحاجة، وكذلك أيضًا فيما يظهر في الحاجة العامة في مثل هذه الكمامات.أما إذا كانت حاجة عارضة لإنسان، أو من عادته أن يلبس هذا لأن معه حساسية ويتضرر، فالأقرب والأحوط أنه تجب عليه الفدية، على سبيل اللزوم،والقول الثاني لاشيء في ذلك.لكن القول بلزومها هو الأظهر لما تقدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَوْقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا" . أخرجه البخاري (1268)، ومسلم (1206).
(2)أخرجه البخاري (1841)، ومسلم (1178). من حديث ابن عباس رضي الله عنه.