• تاريخ النشر : 14/08/2016
  • 447
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : هل الأجر على قدر المشقة في الطاعة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذه الكلمة أوردها بعض العلماء وجعلها كقاعدة ومنهم القرافي، وقالوا: الأجر على قدر المشقة، لكن هذه لا تصح أن تكون قاعدة أن الأجر على قدر المشقة، ولذا زاد فيها بعض العلماء أو عدلها وأدخل فيها فقال: الأجر على قدر المنفعة والمصلحة. هذا الأحسن، الأجر على قدر المنفعة والمصلحة، إذ المشقة ليست مقصودة في الشريعة { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }([1]) إن هذا الدين يسر من يشاد الدين يغلبه، فالشريعة مبنية على اليسر وعدم المشادة وعدم المغالبة، في أخبار كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام في الأدلة في الكتاب والسنة كما لا يخفى، وقاعدة الشريعة المشقة تجري بالتيسير، فليست المشقة مقصودة إنما إذا كانت المشقة متولدة عن الطاعة، أو ملازمة للطاعة ملازمة دائمة مثلًا.. يعني ليست المشقة يعني.. المشقة القوية العظيمة هذه لا تلازم لكن المشقة التي تكون ملازمة للمشاق اليسيرية، أو كانت المشقة في حال دون مثل الوضوء بالماء البارد في الشتاء مثلًا، ونحو ذلك فهذه يكون الأجر فيها بحسب المشقة لكن لا أنه يقصد المشقة.   ولذا قال عليه الصلاة والسلام  في حديث عائشة ((أجركِ عَلَى قَدْر نَصَبك))(2) في الحديث الصحيح، وهو في البخاري ((أجركِ عَلَى قَدْر نَصَبك))؛ لأن الحج يكون فيه مشاق، وفيه بذل جهد، ولهذا قال سبحانه وتعالى{وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ }(3) فالمشقة ليست مقصودة، إنما إذا تولدت عن هذا العمل فلا بأس، ولذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث جابر لما أرادوا النقلة  إلى المسجد وكانوا بعيدين قال: ((بني سلمة دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ )) (4) يعني ألزموا دياركم حديث أبيّ كعب في صحيح مسلم، ذلك الرجل الذي كان بعيدًا عن المسجد، وفيه أنه قال.. أنه يريد أن يكتب الله خطاه كلما ذهب وكلما جاء، وكان بعيدًا عن المسجد، فقال: قد أعطاك ذلك كله)) (5) في لفظ عند ابن ماجه ((أنطاك الله ذلك كله)) (6) فلذا المشقة لا تقصد، ولا يتكلف الإنسان المشقة، فلو إنسان في أيام الشتاء الماء بارد وعنده ماء دافئ، فلا يتكلف الوضوء بالماء البارد قصدًا للمشقة، بل هذا من التكلف الحقيقية، بل ما دام وضوءه بالماء المسخن يكون أعون على العبادة، وأنشط له، وأبلغ في إسباغ الوضوء يكون أولى، كذلك المشقة هذه في الغالب تكون من باب الوسائل، تكون من باب الوسائل. ولذا لو أن إنسان قال: هل أمشي على قدمي للمسجد أو أركب؟ نقول: أصل المشي أفضل، المشي أفضل لما ورد من أدلة في الخطوات والقصد إلى المسجد في الأحاديث المعروفة في هذا، لكن لو كان مشيه على قدمه يورثه مشقة وتعب يمنعه أو يضعف حضوره في الصلاة اللي هو القصد، في هذه الحالة ركوبه أفضل تحصيلًا للغاية؛ لأن السير إلى المسجد والمشي وسيلة ، وإن كان عبادة هو عبادة لكنه عبادة متوسل بها إلى غيرها. والقاعدة: أن الوسائل المقاصد أفضل من الوسائل، هذه القاعدة والأفضل، في بعض الأحيان قد تكون الوسائل أفضل من المقاصد، في بعض الأحوال خاصة، لكن القاعدة أن المقاصد والغايات أفضل من الوسائل، فإذا ترتب على الوسيلة هذه تفويت المقصد، والغاية فعليه أن يراعي هذا، ولو فات شيء مما يتعلق بالفضل الوارد في الوسيلة تحصيلًا لأعلى المصلحتين، تحصيلًا لأعلى المصلحتين، وهذا بحث واسع لأهل العلم، فالأجر على قدر المنفعة والمصلحة التي تحصل من هذا العمل.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ([1]) سورة الحج، آية 87. (2) أخرجه البخاري رقم (1695). (3) سورة النحل، آية 7. (4) أخرجه مسلم (665) (280). (5)أخرجه مسلم (663)، (6)أخرجه ابن ماجة (783)،


التعليقات