• تاريخ النشر : 15/07/2016
  • 237
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1435
السؤال :

يقول السائل : ما معنى حديث "ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أَذِنَ لنبيٍّ حسَنِ الصوتِ بالقرآنِ يجهرُ به"؟ وهل يخص القرآن وحده بالتغني أم أنه يدخل فيها الدعاء؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; "ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أَذِنَ لنبيٍّ حسَنِ الصوتِ بالقرآنِ يجهرُ به" صحيح البخاري(1)،أذن: استمع، أذن يأذن، سمع يسمع، ما أذن أي ما استمع الله لشيء كأذنه أي كاستماعه لنبيٍّ حسن الصوت بالقرآن، هذا الحديث له دلالة أن الله سبحانه وتعالى يسمع ويستمع لمن شاء سبحانه وتعالى ممن كان حسن الصوت، وهذه صفة خاصة نجريها ونقولها إنه سبحانه يستمع لمن شاء، وفي لفظ صحيح: "وقال صاحب له: يريد يجهر به"صحيح البخاري(2)، وكما تقدم دليل على حسن تحسين الصوت، وثبت في البخاري:"ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآنِ"صحيح البخاري (3). ورواه أيضاً سعد بن أبي وقاص عند أبي داود بهذا اللفظ(4)، وجاء أيضاً عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه بسند صحيح: "زيِّنُوا القرآنَ بأصواتِكم ؛ فإِنَّ الصوتَ الحسنَ يَزيدُ القرآنَ حُسْنًا"(5) وثبت أيضاً في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبى موسي:" يا أبا موسى، لقد أوتيتَ مِزمارًا مِن مزاميرِ آلِ داودَ" صحيح البخاري(6). وجاء في رواية جيدة: "لو كنتَ أعلَمْتَنِي لحَبَّرتُ ذلكَ تحبيرًا"(7) وجاء عند ابن سعد أن نساء النبي كن يستمعن لأبي موسى فقال:"لحبَّرتُه لهنَّ تحبيرًا"(8) أي لحسنته لكن تحسيناً. ففيه دلالة على فضل حسن الصوت حتى أنه سبحانه وتعالى يستمع لمن شاء كما تقدم في الحديث: :"ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ ما أَذِنَ لنبيٍّ حسَنِ الصوتِ بالقرآنِ يجهرُ به" والتغني: هو تحسين الصوت،وليس الاستغناء به وإن كان مطلوب ، لكن المراد تحسين الصوت، لأنه قال حسن الصوت، أما في غير القرآن في الدعاء فالله أعلم هل تحسينه مشروع أم ممنوع. من أهل العلم من قال أن تحسينه من البدع، أي ترتيل الدعاء من البدع، ومنهم من قال لا بأس به. لكن المحظور أن يكون ترتيل الدعاء وتحسين الدعاء يصرف عن جوهر الدعاء ولب الدعاء، لأن المقصود هو الإقبال والإخبات والانكسار والتذلل لله سبحانه، فإذا كان يحسن صوته ويرتله بالدعاء ترتيلاً يجعله يشتغل بالترنم والتطريب والبحث عن الكلمات فيتعلق فكره بالألفاظ وينصرف عن المعاني فلا شك أن هذا غير مشروع. أما إذا كان فيما يظهر سمحت به طبيعته وجادت به نفسه بلا تكلف وهو يجد من الراحة والأنس واللذة في هذه الحال والإقبال ما لا يجده بدونه، فلا يظهر أن فيه شيء ما دام المقصود من الدعاء حاضر من إقباله وإخباته وتألهه وخشيته وانكساره، وبعض الناس ربما يحدث له ذلك حينما يحسن صوته ويجود صوته بالدعاء ويطيل من الدعاء ويكثر من الطلب والسؤال والتنويع في الطلب والله سبحانه وتعالى يحب من عبده ذلك يكثر من المسألة، وأنت عندما تسأل ربك فأكثر فإنما تسأل كريماً حليماً عظيماً سبحانه وتعالى يعطي النوال قبل السؤال فإن كان على هذه الصفة فلا بأس.أما إذا كان فيه تكلف واجتهاد في تلحين الصوت والبحث عن الألفاظ التي تناسب هذا النغم وهذا الصوت فالأظهر أنه لا يشرع لأنه يصرف عن المقصود، أما إذا كان لا يصرف عن المقصود بل يحصله فلا بأس منه، لأنه مادام ثبت تحسين الصوت بالقرآن وأنه مطلوب وأنه يزيد القرآن حسن ومع ذلك القرآن مطلوب فيه التدبر والتفكر. ومن أعظم الحسن التدبر والتفكر فيه بل ربما تحسين الصوت يعود عليه بالنظر والتدبر، وكذلك إن كانت طبيعته كما تقدم في الدعاء، ولهذا تحسين الصوت المتكلف في قراءة القرآن لا يشرع، التكلف في قراءة أو تلحين القرآن يصرف عن المقصود، وعلى هذا إن كان المقصود منهما حاصل فلا يظهر فيه شيء، وإلا يكون محظوراً.


التعليقات