يقول السائل : هل للحامل في الشهر الأخير الإطعام عن كل يوم تفطر مع أنها في نسك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
عليها أن تطعم عن كل يوم مسكين, ولها أن تخرج في أول الشهر, ولها أن تخرج وسط الشهر, وإن أخرت حتى لآخر الشهر فتحسب الأيام التي عليها, وهل بلغتها كلها فلا بأس تطعم عن كل يوم مسكين، والأولى أن يكون إطعامها في مكانها؟ القاعدة الشرعية في الأوامر حينما يؤمر الإنسان بكفارة والزكاة ونحو ذلك أن تكون في البلد, هذا هو الأصل في بلدك أنت زكاة الفطر في البلد الذي تفطر فيه, وزكاة المال في بلد المال, إلا في بعض المسائل التي تكون في بعض الأشياء التي تنتهك فتكون في نفس الذي انتهكت فيه, هذا هو الأصل إلا لحاجة مثل أن تكون في بلد فقراء حالهم شديدة, فنقول لا بأس تنقل الزكاة, أو الكفارة لمن هو أشد حاجة, ففي الحديث أن رسول الله لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، قَالَ لَهُ : إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ ، فَإِذَا صَلَّوْا ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ ، فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ ، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ" . (1) وروى أبو عبيد في كتاب الأموال:" أن معاذًا رضي الله عنه بعث إلى عمر رضي الله عنه صدقة من اليمن، فأنكر عمر ذلك وقال: لم أبعثك جابيًا ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد في فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدًا يأخذه مني"(2). وإلا فالأصل كما قال النبي صلوات الله عليه أنها تؤخذ من أغنيائهم وترد علي فقرائهم, لنفس البلد, ويجوز أن تكون لفقراء المسلمين عند الحاجة كما تقدم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (1496)، ومسلم (21).
(2) أخرجه أبو عبيد في الأموال(ص/710) برقم(1912).