يقول السائل : من أراد السفر هل له الفطر قبل أن يخرج من بلده أو يقصر الصلاة ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
من أراد السفر فإنه لا يفطر حتى يخرج عند جماهير العلماء الأئمة الأربعة، بظاهر القرآن وهو ظاهر السنة، وثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يخرج وهو صائم فإذا كان المشروع للصائم إذا كان مسافر ولا يشق عليه الصوم أنه يصوم ولا يفطر فكيف إذا كان مقيماً لم يخرج ، من باب أولى أنه يصوم ولا يفطر هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم كم تقدم أنه خرج صائماً بل خرج بالجيش،(1) وكيف يكون سنة والنبي لم يفعلها ولم ينقل عنه في الأخبار الصحيحة أنه خرج بالجيش ومعه عشرة آلاف كلهم صائمون كما في حديث ابن عباس كلهم صائمون(2).
وصاموا ليبين أن الخبر وارد في هذا لا يثبت ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أن الصوم لا يجوز حيث أن الفطر لا يجوز لمن لم يخرج وورد في هذا حديثان -حديث أنس وحديث أبي بصرة.
حديث أنس - محمد ابن كعب عن أنس t أنه قال (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر, وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل, فقلت له: سنة؟ فقال: سنة ثم ركب)(3) الترمذي ورواه من طريق آخر عبد الله بن جعفر والسعدي والمديني وارد عن المديني وهو ضعيف ورواه من طريق آخر محمد بن جعفر بن أبي كهيل وهو ثقه رحمه الله و جاء هذا الخبر فيه اختلاف الحقيقة هل هو أفطر أو لم يفطر وقع شك في بعض الروايات ولهذا حصل تردد في ثبوت هذه الرواية .
وحديث أبي بصرة أنه قال كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع ثم قرب غداه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال جعفر - أحد رواة هذا الحديث -: فأكل. رواه أبو داود وأحمد(4) .وهذا لا دليل فيه ، فعن هذه الأخبار إما أن لا دلالة فيها وإما أن فيها تردد ، أيضاً كما تقدم في بعض الأخبار الصحيحة على خلاف هذا وظاهر القرآن أيضاً فإذا كان لا يقصر الصلاة فكذلك أيضاً فإنه لا يفطر ، لأن إذا أفطر جاز له القصر. وروي عن إسحاق والجماعة هم يجيزون له الفطر ويجيزون له القصر والأظهر والله أعلم هو مذهب الجمهور رحمه الله عليهم ونعم0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ ، فَقَالَ : " أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ " أخرجه مسلم رقم (1116).
(2)أخرجه البخاري 4276، كتاب: المغازي، باب: غزوة الفتح في رمضان، ومسلم 1113، كتاب: الصيام، باب: جواز الفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية.
(3)أخرجه الترمذي "3/163"، كتاب الصوم: باب من أكل ثم خرج يريد السفر، حديث "799".
(4) أخرجه أبو داود "2/318"، كتاب الصوم: باب من يفطر المسافر إذا خرج، حديث "2412".
وهو في مسند الإمام أحمد (6/7 و398).