يقول السائل : هل يجوز جمع صلاة الجمعة مع صلاة العصر في السفر؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
المسافر لا جمعة عليه، لكن إن كان يريد أنه صلى الجمعة في البلد مع الناس، ثم هو بعد ذلك يريد أن يصلي صلاة العصر، في هذه الحالة، اختلف العلماء، هل يجوز أن يجمع العصر إليها، مذهب الجمهور أنه لا يجمع العصر إليها، وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن له أن يجمع العصر إليها، والأظهر هو قول الجمهور، لأن الجمع جاء بأدلة معروفة، والأصل هو الوقوف مع الأدلة، لأن الجمع رخصة، وعلى هذا لا نقول إن هذا مشروع إلا بدليل، والرخص في القاعدة "أنه تقيد بقيدها، ولا يزاد فيها، ولا يتجاوز حد الرخص". فلا نقول إن هذا الأمر مشروع إلا بدليل، وليس هناك دليل، والإلحاق بالقياس موضع نظر كما تقدم، ثم ثبت في الصحيحين من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام لما استسقاه ذاك الرجل الأعرابي، فصلى عليه الصلاة والسلام الجمعة، ولم ينزل من منبره حتى تحادر المطر على لحيته صلوات الله وسلامه عليه،(1) مطر تواصل وتتابع أسبوع كامل، وفي مثل هذا المقام والجمع العظيم، لم ينقل أنه صلى العصر، أي فرغ من الجمعة، ولا شك أنه إذا صلى العصر وجمعها إليها، لكان ينقل ويظهر، ولا يخفى، كما أن فعله سنه، فإن تركه سنة عليه الصلاة والسلام. والجمع جاء في العصر مع الظهر، والجمعة صلاة مستقلة، فلا يمكن أن يقال كما أنه يجمع الظهر مع العصر، فيجمع الظهر مع الجمعة، فالجمعة لها أحكام مختلفة، ولها خصائص تخالف صلاة الظهر كثيرة جدًا، وليست بدلًا عنها، بل هي صلاة مستقلة، فلهذا الأظهر هو مذهب الجمهور، وقوفًا مع ما ورد فيه الدليل من الجمع، ولهذا شدد البعض في مسائل الجمع، من جهة الوقوف على هذه الأدلة الواردة في هذا الباب. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا ، فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ، فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ ، وَلَا يُمْطِرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ " . أخرجه البخاري رقم (6342) ومسلم رقم (899)،