يقول السائل : هل ورد حديث صحيح يدل على أن من صلى أربع ركعات بعد صلاة العشاء أدرك فضل ليلة القدر وإذا كان كذلك ما كيفية هذه الصلاة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
وردت أخبار في هذا مرفوعة لكنها لا تصح، وثبت عن بعض الصحابة، مثل عبد الله بن عمرو جاء عنه هذا الشيء وأن من صلى أربع ركعات بعد العشاء عدلن بمثلهن من ليلة القدر(1) وجاء مرفوع عند الطبراني من حديث ابن عمر لكن بإسنادٍ ضعيف(2)، وثبت في صحيح البخاري، من حديث ابن عباس أنه دخل على ميمونة رضي الله عنها دخل على خالته رضي الله عنها في تلك الليلة وبات عند النبي عليه الصلاة والسلام في المبيت المشهور الذي نقل صلاته عليه الصلاة والسلام وفي بعض الروايات في البخاري قال ((فصلى أربع ركعات عليه الصلاة والسلام ثم نام)) هذا من أصح ما ورد في هذا الباب وصلاته أربع ركعات(3) لكن لم يرد فيها هذا الفضل الخاص ، وروى أبو داود برواية مقاتل بن بشير العجري عن عائشة رضي الله عنها ومقاتل بن بشير ليس بذاك إما مستور أو مجهول أو فيه ضعف أنها رضي الله عنها قالت: ما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بعد صلاة العشاء إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات وذكرت أنه دخل مرةً وصلى جعل يصلي على نطع جلد يابس أو جلد يعني يصلي عليه وجعل الماء يخرج من بعض شقوقه فيتوقاه النبي عليه الصلاة والسلام(4) ثم ورد أخبار في هذا مرفوعة والمرفوعة لا تصح، وورد آثار عن بعض الصحابة(5) يحتمل أن يقال إن هذه الآثار التي قيلت لا يقال مثلها بالرأي وأن حكمها حكم المرفوع هذا محتمل لكن يحتاج إلى مزيد نظر في اجتماع هذه الأخبار وقد يقوى الحكم برفعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو به .وهذا إسناد رواته ثقات ، إلا أنه اختلف في سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال البرديجي : روى مجاهد عن أبى هريرة وعبد الله بن عمرو ، وقيل : لم يسمع منهما . انظر التهذيب (10/43).
(2)عنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ، كَانَ كَعِدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْر)،أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (13،14 ص/130)، وفي " المعجم الأوسط " (5/254) قال : حدثنا محمَّد بن الفَضْل السَّقَطي ، ثنا مَهْدي بن حَفْص ، ثنا إسحاقُ الأزرق ، ثنا أبو حَنيفة ، عن مُحارب بن دِثار ، عن ابن عمر به . قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن ابن عمر إلا محارب بن دثار ، ولا عن محارب إلا أبو حنيفة ، تفرد به إسحاق الأزرق ، قال العراقي رحمه الله : فيه ضعف، طرح التثريب " (4/162(،وقال الهيثمي رحمه الله : في إسناده ضعيف غير متهم بالكذب، مجمع الزوائد " (2/40(، وذكره الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (رقم/5060).
(3)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ ، ثُمَّ قَالَ : ( نَامَ الغُلَيِّمُ )، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا ، ثُمَّ قَامَ ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ نَامَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ " أخرجه البخاري (117).
(4) أخرجه أبو داود رقم (1303) وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود – الأم " (2/57).
(5) الأثر الأول : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ، عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الجبار بن عباس ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن عبد الله به .
وهذا إسناد جيد متصل.
الأثر الثاني :عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة به . وهذا الإسناد رواته ثقات ، ولكننا لم نقف على مَن ذَكَرَ عبد الرحمن بن الأسود في شيوخ العلاء بن المسيب .
الأثر الثالث :عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُنَّ يَعْدِلْنَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .رواه محمد بن الحسن الشيباني – كما في " الآثار " (1/292) - عن شيخه الإمام أبي حنيفة ، حدثنا الحارث بن زياد أو محارب بن دثار – الشك من محمد – عن ابن عمر به . وهذا إسناد ضعيف لوقوع الشك والتردد ، فالحارث بن زياد لم نقف له على ترجمة ، ولكن قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :هو عَن محَارب بِلَا شكّ ... وَأما الْحَارِث بن زِيَاد فَلم أر فِيمن يروي عَن ابْن عمر لَهُ ذكرا " انتهى من " الإيثار بمعرفة رواة الآثار " (ص/57(.