يقول السائل : إذا صليت الوتر بعد صلاة العشاء، هل أصلي الوتر مرة أخرى بعد التهجد؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
يقول عليه الصلاة والسلام من حديث الطلق بن علي الذي رواه أهل السنن «لا وتران في ليلة». وثبت عن الطلق أنه جاء إلى قومه وهم يصلون في رمضان، وكان قد أفطر عندهم ثم لما حضرت الصلاة قدموه، فصلى بهم التراويح، ثم لما حضر الوتر، أمر رجلًا أن يصلي، لأنه سوف يرجع فيصلي بقومه، فلا يصلي الوتر مرًة أخرى، بل من صلى الوتر أول الليل، فإنه إذا منَّ الله عليه واستيقظ من آخره فيصلي ما كتب الله له، ولا يصلي الوتر مرًة أخرى، ولا ينقض الوتر، كما صح عن ابن عمر أنه كان ينقض الوتر، وصح عن عائشة لما سئلت عمن يصلي الوتر، ثم يستيقظ فيوتر ركعًة يشفع بها ذلك الوتر، ثم بعد ذلك يصلي ما كتب الله، ثم يصلي الوتر مرة أخرى، فقالت: "هؤلاء قوم يتلاعبون بصلاتهم"، معنى أنه أوتر ثلاث مرات، ولا بأس من الصلاة بعد الوتر على الصحيح، وخاصة إذا فصل بينهما نوم أو وقت،لأن النبي قال:«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا».
هذا المراد، الصلاة التي تكون آخر الليل، أما لو صلى من أول الليل فأوتر، ثم نام ثم استيقظ، هذه صلاة أخرى، فالحديث ورد في الصلاة المتصلة، الإنسان حينما يريد أن يصلي من آخر الليل، أو من أول الليل أن يجعل آخر صلاته وتر، المعنى أنه حينما يصلي الوتر لا تصلي بعده مباشرة، لكن حينما ينام، ثم يستيقظ هذه صلاة أخرى غير الصلاة الأولى، فليصل بعدها.لو صلى من آخر الليل وأوتر، جاز أن يصلي أيضًا ركعتين بعدها، مما ثبت في صحيح مسلم «أنه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين بعد الوتر جالسًا، ».(3) لبيان جواز صلاة ركعتين بعد الوتر. وابن القيم رحمه الله يقول في زاد المعاد، إن هاتين الركعتين تجريان مجرى الراتبة للوتر، فهي راتبهٌ للوتر بمثابة سائر الرواتب الأخرى، هذا قوله رحمه الله، وهو يقول إن الجوابر للصلاة تختلف، ويقول إنها على ثلاث مراتب، يقول إن المرتبة الأولى وهي أعلاها وهي جوابر الفرائض وهي النوافل، والثانية جابر الوتر وهو ركعتان بعدها، والثالث جوابر تكون متصلًة بالصلاة وهما سجدتا السهو، هذا معنى كلامه رحمه الله، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود (1439) ، والترمذي (470) ، والنسائي في "المجتبى" 3/229- 230، وفي "الكبرى" (1388) ، وابن أبي شيبة (6749) وابن خزيمة (1101) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/342، وابن حبان (2449) ، والبيهقي في "السنن" 3/36، وابن عبد البر في "الاستذكار" (6789) من طرق عن ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن قيس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" 2/481.
(2) أخرجه البخاري (998) ، ومسلم (751) (151).
(3)أخرجه مسلم (738).