حديث (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة) هل الإسراع في المشي عند سماع الإقامة منهي عنه ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
لعله يريد هل عند سماع الآذان، والحديث « إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ »(1) .فالنهي في باب الإقامة؛ لأنه يكون قريب من الصلاة فإذا أسرع في مشيه فيدخل في الصلاة وهو غير مطمئن، ونفسه سريع، ومتعالي فيدخل في غير اطمئنان، وغير حضور، فالإنسان حينما يمشي إلى الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام:«فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ»(2) في صحيح مسلم، فأنك تمشي في سكينة، وربما يقال هذا في الأذان من باب أولى كذلك، إذا كان ينهى عن الإسراع عند سماع الإقامة، وقد يدرك تكبيرة الإحرام، فالنهي عن الإسراع في المشي عند سماع الأذان من باب أولى؛ لأنه يدرك في الغالب ويصل قبل الإقامة، ويكون أدعى أيضاً إلى حضوره في الصلاة، وسوف يصلي السنة الراتبة، وسوف يدعو.
فالمعنى المنهي عنه عن الإسراع في المشي عند إقامة الصلاة لأجل الحضور في الصلاة موجود أيضاً عند المشي إذا سمع النداء لأنه يشرع له أن يصلي« إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ »(3) فالإسراع في المشي عند سماع الأذان فوت عليك مصالح من جهة اطمئنان قلبك وراحة نفسك وحضورك في صلاتك، وحضورك في دعائك، والمبادرة إلى تحية المسجد ، والمسلم إذا مشى بطمأنينة كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة(4) وحديث ابن مسعود(5) وأنه « إذا خطا تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة » كل هذا يدل على أنه يمشي إلى الصلاة بطمأنينة ورفق، والأدلة كما تقدم لا في المشي عند سماع الآذان، لكن جاء عند سماع الإقامة؛ لأنه الغالب أنه ربما حاول الإسراع والركض لكي يدرك تكبيرة الإحرام، نقول: الحمد لله أنت على خير مادمت حريص والذي منعك لم يكن الكسل، فإنك كمن أدرك ولله الحمد لو فرض أنه فآتتك تكبيرة الإحرام أو فاتك بعض الصلاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (908) ومسلم ( 602). عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه مسلم (603). عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أخرجه البخاري (444) ، و مسلم (1163).
(4) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- يرفعه وفيه" : وذلك أن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخطو خطوة إلا رُفِعَ له بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة". أخرجه البخاري (647) ، و مسلم (649).
(5) حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: "وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله لها بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة" أخرجه مسلم (654).