هل يجوز النداء بالمكبر بالمسجد لمن فقد ولدً
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; وإلا أنه ربما يستثنى الشيء الذي يكون موضع ضرورة وليس من جنس الأموال, وعلى هذا فهذه مسألة أخرى: هل يجوز النداء بالمكبر بالمسجد لمن فقد ولدًا له: ابن أو بنت صغير, طفل صغير وأراد أن يُعلن في المسجد, وأن يسمع الناس في المسجد, أو من خارج المسجد. الأظهر أن هذه المسألة محتملة؛ من أهل العلم من يمنع, ومن أهل العلم من يقول: لا بأس بذلك لأنه لا يدخل في الضالة؛ لأن الضالة المراد بها من الحيوان, ولا يُطلق على هذه ضالة, والأحاديث جاءت فيمن يُنشد ضالته، وفي اللفظ الآخر: «مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ». ثم إن المعنى الموجود في النهي عنه هو لأجل أنه من أمور الدنيا وهذا المعنى لأجل تحقير أمر الدنيا، كما نبه على ذلك بعض أهل العلم, وأن الدنيا طلبها ليس محله المساجد، بل خارج المسجد, ثم في الحديث أيضًا وجهٌ آخر قد يُفهم منه ويُستدل به على خروج النداء في المكبر عن الضائع من الصغار, وهو قوله صلى الله عليه وسلم «لا وجَدْتَ», «لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ», هذا لا يمكن أن يُقال: أنه يُدعى به لمن سأل عن ابنه أو ابنته ممن فقده؛ لأن هذا في الحقيقة دعاءٌ على الصغير ومثل هذا لا يظهر جوازه في مثل هذا الموطن, ولهذا جاء لا وجدت أي لا وجدت هذه الضالة من جنس المال ونحو ذلك، أما حينما يدعو: لا وجدت لمن يبحث عن ابنه أو ابنته, لا شك أن عليه ضرر من الدعاء والضرر على من يدعو عليه من الصغار أشد وأبلغ, وهو لا جُرم له, بل ليس مكلفًا، فالأقرب والله أعلم أنه لا بأس بذلك, ثم هو في الحقيقة موضع ضرورة, حتى لو قيل: داخل العموم، هو موضع ضرورة, وليس تحريمه بأشد من تحريم الميتة, فعلى جميع الوجوه الأمر واضح في جواز هذه الصورة, فيما يظهر والله أعلم.