هل حديث من مات يوم الجمعة، وقاه الله من عذاب القبر صحيح، أم موضوع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
الحديث وقع فيه خلاف، وهو حديثٌ مشهور، وقد رواه أحمد والترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن ربيعة بن سيف بن عافر عن عبد الله بن عمرو، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «من مات يوم الجمعة، أو ليتله وقاه الله عذاب القبر»،(1) كذلك رواه أبو يعلى من رواية أنس بهذا اللفظ(2)، وهو من رواية يزيد بن أبان الرباشي وهو ضعيف وكذلك الحديث الذي قبله حديث ضعيف منقطع؛ لأن ربيعة لم يدرك عبد الله بن عمرو، وكذلك عنده مناكير كما قل البخاري.من العلم النظر إلى الطرق، وله أيضًا عند أحمد طريق آخر برواية أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو، في سنده أيضًا ضعف، فمنهم من نظر إلى الخبر بطرقه فجعله من باب الصحيح لغيره، كما قال الحافظ: وبكثرة الطرق يصحح، ومنهم من ضعفه. والبخاري -رحمه الله- في صحيحه قال: باب (موت يوم الاثنين) وذكر وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة أبي بكر حينما أحس بموته رضي الله عنه وقال: يا عائشة متى مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يوم الاثنين، قالت: يوم الاثنين، قال: إني لا أرجو فيما بيني وبين آخر النهار (الحديث). فقالوا نبه الشراح كالحافظ وغيره إلى أنه إشارة إلى ما ورد في تضعيف هذا الرأي من كون أنه موت يوم الجمعة له فضله، لكن هذا فيه نظر، والمقصود أن الموت ووقت الموت ليس للإنسان فيه تصرف، وليس للإنسان فيه إرادة، ولا اختيار وهذا قد يقال أنه والله أعلم حينما يقال: من مات يوم الجمعة وأن الخطاب يكون فيما يكون داخلًا تحت فعل المكلف، أما هذا ليس إلى المكلف، والموت ليس إليه، فمن هذه الجهة إلا أن حمد على أنه ينوي ذلك، ويتطلبه ويرجوه يمكن بنيته، لكن هذا فيه نظر الحديث ظاهرٌ في هذه الخصيصة، وأنه في يوم الجمعة وليلة الجمعة، فالخبر فيه ثبوته نظر، كما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه الترمذي (1074) وأحمد (6582)، والطبراني في الكبير (164).
(2) أخرجه أبو يعلى (4113).