ما مدى صحة ما جاء في حمار الدجال أو مركوبه؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الله أعلم، الذي ثبت في صحيح مسلم من حديث فاطمة بنت قيس عن النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه عن تميم الداري أنه قال (يسير في الأرض)(1) وجاء في حديث عبد الله بن عمرو(2) والنواس بن سمعان(3) ذكر الدجال ولم يذكر أن له مركوب وورد هذا في حديث عند أحمد قال حدثنا محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( يخرج الدجال في قلة من العلم وإدبار من الدين) وذكر الحديث وفيه قال (وأنه يخرج وله حمار أو يركب على حمار عرضه أربعون زراعًا) (4) هذا الحديث من رواية إبراهيم طهمان عن أبي الزبير عن جابر وأبو الزبير مدلس رحمه الله ولا يقبل عند أهل العلم إلا ما صرح به من الحديث عن جابر أو كان من رواية الليث بن سعد عنه لأنه علم ما سمع مما لم يسمع، فالخبر إن صح فلا نكارة في ذلك فقد جاء في الدجال من أمور الآيات وجاء مما مكنه الله سبحانه وتعالى وقدره عليه جاء آيات وأمور فهذا إن كان قد وقع فلا يستنكر مثل هذا والله سبحانه وتعالى إنما أمره إذا أراد شيء أن يقول له كن فيكون، فإن كان هذا واقع فليس مستنكر وإن كان لم يثبت فالمعول على ثبوت السند، والحديث كما تقدم في ثبوته نظر أو من هذا الطريق والله أعلم بصحته، وبعضهم تكلف في مثل هذا ربما يتأول تأويلات باطلة فيحمل مثلاً المركوب والحمار من هنا ومن هنا على المركوب في ذلك الوقت من طائرة ونحو ذلك على هذا القدر، كل هذا من التأويلات الباطلة التي لا تجوز في النصوص وخاصة أن هذا من أمور الغيب فالأصل هو إجراء الأخبار على ظاهرها خاصة أن الجميع يدل على أنه لا يحتمل التأويل وجاء أيضًا في الرواية ما يدل على النص على أنه من الدواب وأنه لا يكون له من الدواب إلا هذا الحمار والمعول على صحة السند.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الجسّاسة ، وفيه قال تميم الداري رضي الله عنه : " فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا " أخرجه مسلم برقم 5235 .
(2)عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ . فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ " أخرجه البخاري برقم 6508
(3)النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ .. " فقال في وصف الدجال : " إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ - شديد جعودة الشعر- عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ " أخرجه مسلم برقم 5228 .
(4) أخرجه أحمد (14954).