حديث « من سيدكم قالوا الجد ابن قيس غير أننا نبخله، قال: بل سيدكم فتى الأبيض عمر بن الجموح، وفي رواية أخرى بشر بن البراء » فأي الروايتين أصح؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
نعم هذا حديث مشهور وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام « قال لِبَنِي سَلَمَةَ : " مَنْ سَيِّدُكُمْ ؟ قَالُوا : جَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، وَأَنَّا لَنُبَخِّلُهُ ، قَالَ : " فَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ ؟ ، بَلْ سَيِّدُكُمُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ » وفي لفظ « الْجَعْدُ الأَبْيَضُ » وهذا الحديث حديث صحيح ورواه البخاري في الأدب المفرد من حديث جابر(1)، وله شاهد من حديث أبي هريرة (2) عند الحاكم فالحديث بالنظر إلى طريقيه صحيح، أما رواية أنه بشر بن البراء بن المعرور هذه جاءت عند أبي نعيم (3) وجاءت عند الطبراني وهذه الرواية حكم أهل العلم أنها مرسلة عن الزهري ولا تثبت، وإن ثبتت فلا إشكال؛
لأن عمر بن الجموح مات أولاً ثم مات بشر بن البراء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام فيحتمل أنه جعل سيدهم عمر بن الجموح، ثم لما مات جعل سيدهم بشر بن البراء لأنه مات بعد ذلك، مات بعد خيبر وهو الذي قد أكل مع النبي عليه الصلاة والسلام من الشاة المسمومة فمات من أثر تلك الشاة المسمومة. (4) فلا منافاة بين الروايتين كما تقدم، لكن الرواية الأولى أصح وهو أنه عمر بن الجموح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (296)،والقضاعي في مسند الشهاب (286)، البزار –كشف- (2703)، والطبراني في الأوسط (8913)، وأبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث (92)، والبيهقي في شعب الإيمان (10859)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1171) وفي حلية الأولياء(11064)،
(2) أخرجه الحاكم في المستدرك رقم (4/159)، والطبراني في الكبير (1203)، وفي الأوسط (3650) البزار –كشف- (2702)، ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/220)، تهذيب الآثار للطبري(164)
(3) رواية أنه بشر بن البراء أخرجها الحاكم رقم (4/159)، البزار –كشف الأستار- (2702)، والطبراني في الكبير (1203)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1171) عن جابر رضي الله عنه.
(4) قال الإمام الدارمي رحمه الله في سننه رقم ( 68 )أخبرنا جعفر بن عون أنا محمد بن عمرو الليثي عن أبي سلمة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة فأهدت له امرأة من يهود خيبر شاة مصلية فتناول منها وتناول منها بشر بن البراء ثم رفع النبي صلى الله عليه و سلم يده ثم قال : إن هذه تخبرني أنها مسمومة فمات بشر بن البراء فأرسل إليها النبي صلى الله عليه و سلم ما حملك على ما صنعت فقالت : إن كنت نبيا لم يضرك شيء ؛ وإن كنت ملكا أرحت الناس منك .فقال : في مرضه : ما زلت من الأكلة التي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطاع أبهري ).
قلت : هذا مرسل لكن وصله الحاكم في ( المستدرك) ( 3/ 242 ) حدثنا محمد بن صالح بن هانىء ثنا السري بن خزيمة ثنا عبد العزيز بن داود الحراني ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو الليثي عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن إمرأة يهودية دعت النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابا له على شاة مصلية فلما قعدوا يأكلون أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم لقمة فوضعها ثم قال لهم : امسكوا إن هذه الشاة مسمومة ، فقال لليهودية : ويلك لأي شيء سممتني ؟ ، قالت : أردت أن أعلم إن كنت نبيا فإنه لا يضرك و إن كان غير ذلك أن أريح الناس منك ؛ و أكل منها بشر بن البراء فمات . فقتلها رسول الله صلى الله عليه و سلم .قال الحاكم : ( صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه ) . ووافقه الذهبي !