يقول السائل : ما حكم صيام تارك الصلاة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
تارك الصلاة عند جمهور العلماء واقع في كبيرة عظيمة، لكن هل يقبل صومه؟ جمهور العلماء يقولون يصح صومه، من العلماء المتأخرين؛ لأن تارك الصلاة عندهم وإن كان أعظم من الزاني والسارق وشارب الخمر وإن كان جرم عظيم لكن ليس كافر. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه كافر وأن صومه لا يصح؛ لكفره، والأدلة على كفر تارك الصلاة أظهر، لكن ينبغي أن يقيد هذا بالعلم أن يكون عالم بالحال، لكن لو كان إنسان جاهل لحكم كفر تارك الصلاة؛ يعلم إن تارك الصلاة في معصية، وربما هو يتبع قول أو رأى من يقول قول فتساهل، لأنه سمع هذا القول من بعض أهل العلم فبنى على هذا القول، فمثل هذا لا نحكم بكفره، لا نقول فلان كافر، نقول تارك الصلاة كافر، لكن فلان التارك للصلاة الذي تركها بناءً على أنها معصية وأنها ذنب عظيم، فهذا يعامل الأعمال بالنيات، فلا نقول أن صومه باطل، ولا نقول إن زوجته لا تحل له، بل يعامل بما يعتقده؛ ولأنه مقلد لغيره، لكن إن علم وبلغه كفر تارك الصلاة فإنه يعامل معاملة أمثاله ممن يحكم بكفره، لما ثبت في الأخبار الصحيحة بكفر تارك الصلاة؛ النبي عليه الصلاة والسلام قال:«بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»(1) وقال:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (2) ؛ فمن لم يكن له عهد فأشبه الكفار؛ لأنه لا عهد لهم، فالذي لا عهد له يشبه الكفار، بل ربما يكون من هو أشد من هذا يعني يشبه المحاربين؛ لأنه يكون مرتدًا في مثل هذه الحال، والمرتد أسوأ حالا من الكافر الأصلي،بل ربما يكون أسوأ حال من الحربي؛ لأنه لا يقر على حال بعد علمه بذلك، العهد الذي بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة، جعل المصلي في شق، وتاركها في شق آخر، والأحاديث في هذا كثيرة، وهذا هو الأظهر في هذه المسألة, وهو أن نفصل في مثل هذا وفي غيرها من المسائل.ولهذا تأتي مسائل مثلًا؛ إنسان يعتقد العمل بها، كمن لا يتوضأ من أكل لحم الإبل، صلاته صحيحة،
وإن كان القول الصحيح أن لحم الإبل ينقض الوضوء، ولذا لو صلى إنسان بقوم وهو آكل لحم الإبل، ويعتقد أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، والذين خلفه يعتقدون أن لحم الإبل ينقض الوضوء هل يصلون خلفه أو لا يصلون؟ نعم يصلون؛ لأن من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره،يعني لو كان عندنا جماعة؛ خمسة يعتقدون أن لحم الإبل ينقض الوضوء، وخمس يعتقدون لا ينقض الوضوء، في مكان واحد في برية، يصلون جماعتين، أو يصلون جماعة واحدة؟ أو نقول يتقدم من لم يأكل يكون هو أحوط لاشك، لكن لو وجد أن الذي أكل تقدم فإما أن تترك الصلاة، وإما أن تصلي؟ نقول صلِ، والصحيح أنك تصلي خلفه، وتصح الصلاة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (82) ، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(2) أخرجه الترمذي (2621) ، والنسائي 1/231، ابن ماجه (1079) ، وقال الترمذي: حديث
حسن صحيح غريب. من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.