يقول السائل : في الحديث «من صام رمضان ثم أتبعه»(1) أليس هذا يدل على ألا يباشر الصائم الصوم مباشرةً بعد رمضان، بل يكون التراخي إلى أواخر شوال؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
" ثم" هنا بحسبها لقوله: «ثم أتبعه» و" ثم " قد تأتي بمعنى الفاء، هي وثم للترتيب بانفصال، والفاء للترتيب باتصال، والفاء وثم وإن كانت للترتيب بانفصال فقد تأتي للتعقيب، ثم ترتيبها بحسب السياق التي هي فيه، قد يكون من بعيد وقد يكون قريب، وهذا يأتي في القرآن والسنة، لكن قد تأتي للتعقيب أيضًا جاءني ثم أكرمته، ليس معنى أكرمته بعد ذلك لا، مباشرة، قال –عليه الصلاة والسلام- «ثم ليتخير من المسألة ماذا أعجبه إليه»(2) أحبه إليه، يتخير من المسألة، «ثم يتخير من المسألة أعجبه إليه» وهذا في أي شيء؟ في الصلاة قبل السلام، ليس المعنى بعد السلام، قال –عليه الصلاة والسلام- وهذا في الصحيح ابن مسعود وفي صحيح ابن جابر أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستغفرك»(3) ثم هنا ليس المراد أنه يكون بعد الصلاة، لكن المراد يكون في التشهد في آخره، الجواب في آخره، فثم تأتي في التعقيب، ثم فسره يعني هذا للتعقيب إذا دلت الدلالة، وإلا وإن كانت اللفظ أن تكون للتراخي فإن دل على أن التعقيب تعمل على التعقيب، وأيضًا يأتي في الخبر ما يفسره لقوله: « ثم أتبعه» والإتباع مثل ما تقدم معنا أن يكون عقبه مباشرةً، ولهذا قال: «ثم أتبعه ستًا من شوال».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ "
أخرجه مسلم (1164).
(2) أخرجه البخاري في (831) و(835) ومسلم (402).
(3) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ .... الحديث. أخرجه البخاري (7390).